للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي) قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ شُرُوطَ الشَّيْءِ الَّذِي يُسْتَجْمَرُ بِهِ وَهَكَذَا كُلُّهُ إذَا قَصَدَ الِاسْتِجْمَارَ الشَّرْعِيَّ وَإِلَّا اتَّقَى مَا لَهُ حُرْمَةٌ وَإِذَايَةٌ وَنَحْوُهُمَا، انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَصَدَ إزَالَةَ عَيْنِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمَحِلِّ لِيَغْسِلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَيُزِيلَهَا بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ تُزَالَ بِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ أَوْ فِيهِ إذَايَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُمَا مِمَّا يَكُونُ مَائِعًا أَوْ مَبْلُولًا بَلَلًا يَنْشُرُ النَّجَاسَةَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الِاسْتِجْمَارُ بِالْيَدِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ذَكَرَ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ زَادَ فِي الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ مُنْفَصِلًا احْتِرَازًا مِنْ يَدِ نَفْسِهِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يَسْتَجْمِرُ بِيَدِهِ وَلَفْظُهُ ثُمَّ يَمْسَحُ مَا فِي الْمَخْرَجِ مِنْ الْأَذَى بِمَدْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِيَدِهِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ سَيِّدِي الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ أَنَّهُ إذَا عَدِمَ الْأَحْجَارَ فَلَا يَتْرُكُ فَضِيلَةَ الِاسْتِجْمَارِ بَلْ يَسْتَجْمِرُ بِأُصْبُعِهِ الْوُسْطَى بَعْدَ غَسْلِهَا، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ التَّوْضِيحِ: إنَّمَا يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ لَوْ ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِجْمَارِ الْمُجَرَّدِ، انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِجْمَارِ الَّذِي يَعْقُبُهُ الِاسْتِنْجَاءُ قُلْت وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ وَقَفَ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِالْإِجْزَاءِ فَقَالَ: لَوْ اسْتَنْجَى بِأُصْبُعِهِ وَأَنْقَى بِثَلَاثٍ أَوْ غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بِمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَلَا يُجْزِئُ كَالْعَقِبِ وَكَذَنَبِ دَابَّةٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْلَعَ صُوفًا مِنْ ذَنَبِ شَاةٍ فَيَتَمَسَّحَ بِهِ مُتَّصِلًا بِهَا لَكِنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا يُتَّقَى مِنْ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لِغَيْرِهِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِاخْتِصَارٍ فَقَالَ: لَوْ اسْتَنْجَى بِأَصَابِعِهِ أَوْ ذَنَبِ دَابَّةٍ أَوْ شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَأَنْقَى أَجْزَأَهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِالْيَدِ جَائِزٌ عَلَى مَا فِي الرِّسَالَةِ وَالْمَدْخَلِ فَإِنْ أَنْقَتْ أَجْزَأَتْ وَيُؤْمَرُ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ مِنْ يَدِهِ هَذَا إذَا أَرَادَ الِاسْتِجْمَارَ الشَّرْعِيَّ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ لِيَسْتَنْجِيَ بِالْمَاءِ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: قَوْلُهُ: بِيَدِهِ يَعْنِي الْيُسْرَى وَيَعْنِي إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَمُرَادُهُ بِالْيَدِ الْأُصْبُعُ، وَلَا يَسْتَنْجِي بِالْيَمِينِ فَإِنْ فَعَلَ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَيُجْزِئُهُ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: لَا يُجْزِئُهُ، انْتَهَى. وَنَحْوُ هَذَا فِي الطِّرَازِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: إنَّ الْيَدَ مَعَ الْإِنْقَاءِ كَافِيَةٌ خِلَافًا لِمَا ذُكِرَ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ مَا إذَا أَنْقَى بِدُونِ الثَّلَاثِ فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْإِنْقَاءُ دُونَ الْعَدَدِ، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَابْنُ شَعْبَانَ بِوُجُوبِ الْإِنْقَاءِ وَالْعَدَدِ فَإِنْ أَنْقَى بِحَجَرٍ أَوْ حَجَرَيْنِ أَجْزَأَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ التَّثْلِيثُ، فَإِنْ لَمْ يُنْقِ بِالثَّلَاثِ وَأَنْقَى بِأَرْبَعٍ اُسْتُحِبَّ الْخَامِسُ لِلْوِتْرِ فَإِنْ لَمْ يُنْقِ بِخَمْسٍ وَأَنْقَى بِسِتٍّ اُسْتُحِبَّ السَّابِعُ ثُمَّ الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ، اُنْظُرْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِلشَّبِيبِيِّ وَابْنِ رَاشِدٍ قَالَ فِي الْإِكْمَالِ: وَحَمَلَ شُيُوخُنَا حَدِيثَ الثَّلَاثِ عَلَى النَّدْبِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى

[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

ص (فَصْلٌ نَقْضُ الْوُضُوءِ بِحَدَثٍ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ)

ش هَذَا الْفَصْلُ يَذْكُرُ فِيهِ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ وَتُسَمَّى مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ أَيْضًا وَاخْتَارَ التَّعْبِيرَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَمَعَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي التَّلْقِينِ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَقَالَ: بَابُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَمَا يُنْقِضُهُ بَعْدَ صِحَّتِهِ فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْمُوجِبَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْحَدَثَ السَّابِقَ عَلَى الْوُضُوءِ وَالنَّاقِضُ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَأَخِّرًا عَنْ الْوُضُوءِ وَالنَّوَاقِضُ جَمْعُ نَاقِضٍ وَنَاقَضَ الشَّيْءَ وَنَقِيضُهُ مَا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَعْبِيرُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالنَّوَاقِضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ النَّاقِضَ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَأَخِّرًا عَنْ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ الْمُوجِبِ فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ، انْتَهَى. يَعْنِي وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْوُضُوءِ نَاسَبَ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهَا بِالنَّوَاقِضِ وَإِلَّا فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى السَّابِقِ وَعَلَى الْمُتَأَخِّرِ وَأَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِالنَّقْضِ قَدْ يُوهِمُ بُطْلَانَ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ وَإِذَا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فَعَلَ بِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ وَلِهَذَا قَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>