عَكْسَ الْقَرَابَةِ قِيلَ فَائِدَتَيْنِ: الْأُولَى: تَقْيِيدُ الْعَدَاوَةِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا قَيَّدَ فِي الْقَرَابَةِ تَأْكِيدَ الشَّفَقَةِ، قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ كَانَتْ الْهِجْرَةُ فِي أَمْرٍ خَفِيفٍ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمَا تُقْبَلُ عَلَى الْآخَرِ وَأَمَّا الْمُهَاجَرَةُ الطَّوِيلَةُ وَالْعَدَاوَةُ الْبَيِّنَةُ فَلَا تُقْبَلُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَنَصَّهُ الْمَازِرِيُّ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إنْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ خَفِيفَةً عَلَى أَمْرٍ خَفِيفٍ لَمْ تَبْطُلْ الشَّهَادَةُ.
(تَنْبِيهٌ) وَالْعَدَاوَةُ الْمَانِعَةُ هِيَ الْعَدَاوَةُ بِسَبَبِ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ عَنْ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ مِنْ مَالٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ خِصَامٍ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ دُنْيَا يَتَشَوَّفُ بِهِ عَادَةً إلَى أَذًى يُصِيبُهُ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى ابْنِهِ، مِثْلُهُ أَبُوهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ وَكَذَا أُمُّهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ وَتَجُوزُ عَلَى عَدُوِّ أَخِيهِ فِي الْمَالِ نَقَلَهُ فِي رَسْمِ بَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ.
[فَرْعٌ الشَّهَادَة عَلَى صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ فِي وِلَايَةِ عَدُوِّهِ]
(فَرْعٌ) وَتَجُوزُ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ فِي وِلَايَةِ عَدُوِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(فَرْعٌ) مَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ مَعْلُومَةٌ ثُمَّ اصْطَلَحَا جَازَتْ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ إذَا طَالَ الْأَمْرُ وَاسْتُحِقَّ الصُّلْحُ وَظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُمَا مِنْ دَخَلِ الْعَدَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إذَا شَهِدَ بِقُرْبِ صُلْحِهِ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: مَسْأَلَةٌ: قَوْمٌ بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ بَيْنَ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ ثُمَّ اصْطَلَحُوا فَلَا يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْقَرْنُ الَّذِينَ شَاهَدُوا الْفِتْنَةَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي أَسْئِلَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ وَفِي النَّوَادِرِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: ١١٨] مِنْ الْأَحْكَامِ مِنْ مَسَائِلِ الْحُكَّامِ انْتَهَى.
ص (وَلْيُخْبِرْ بِهَا)
ش: أَيْ بِالْعَدَاوَةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَفِي النَّوَادِرِ وَرَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يُخْبِرُ بِهَا وَانْظُرْ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْجُرْحَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الصَّوْمِ أَنَّ مَرْجُوَّ الشَّهَادَةِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْجُرْحَةَ وَانْظُرْ أَوَّلَ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَسَمَاعِ سَحْنُونٍ وَنَوَازِلِهِ وَالنَّوَادِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة يَشْهَدُ بِمَا لَا يَرَى جَوَازَهُ]
(مَسْأَلَةٌ) الشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا لَا يَرَى جَوَازَهُ ذَكَرَهَا فِي الْوَاضِحَةِ وَنَقَلَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِي تَنْبِيهِ الْقَاضِي عَلَى أُمُورٍ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَنَصَّهُ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِيمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُ جَوَازَهُ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: سَأَلْت سَحْنُونًا عَنْ الرَّجُلِ تَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَهُوَ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ عِنْدَهُ وَالْقَاضِي مِمَّنْ يَرَى إجَازَتَهَا أَتَرَى عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى الْقَاضِي؟ قَالَ: كَيْفَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؟ قُلْت مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى صَدَاقٍ مُعَجَّلٍ فِي نِكَاحٍ وَمَعَهُ مُؤَجَّلٌ لَمْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ، فَقَالَ: مَا أَرَى أَنْ يَشْهَدَ فَإِنْ جَهِلَ الشَّاهِدُ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُنَبِّهَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.
ص (وَاعْتُمِدَ فِي إعْسَارٍ بِصُحْبَةٍ وَقَرِينَةٍ صَبْرُ ضُرٍّ كَضَرَرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ فِي الْإِعْسَارِ وَمَا أَشْبَهَهُ كَالتَّعْدِيلِ وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ يَجُوزُ لَهُ