للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ فِي الثِّيَابِ فَرَدَّهَا بِعَيْبٍ، وَقَدْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهَا رَدَّ مَعَهَا مَا نَقَصَهَا انْتَهَى.

وَقَدْ صَرَّحَ الْبَاجِيُّ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ بِأَنَّ الْقَطْعَ غَيْرَ الْمُعْتَادِ يُفِيتُ الرَّدَّ، وَيُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ، وَعَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) إذَا عَلِمْت هَذَا فَعَدُّ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ بِشَيْءٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُدَلِّسِ فَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ فِي التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ الْمُعْتَادُ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: اُنْظُرْ لَوْ عَمِلَ بِهَا مَا لَمْ يُعْمَلْ بِبَلَدِ الْبَائِعِ، وَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْأَظْهَرُ إنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ غَرِيبًا، أَوْ مِمَّنْ يَتَّجِرُ بِمَا يُسَافِرُ بِهِ أَنَّهُ كَمُعْتَادٍ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ)

ش: قَالَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَحْصُلَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ هَلَاكٌ، أَوْ عَطَبٌ كَمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ سَارِقًا فَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهُ، فَمَعَ التَّدْلِيسِ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمُشْتَرِي انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ)

ش: لَوْ قَالَ: وَتَبَرَّأَ، أَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ لَكَانَ أَبْيَنَ؛ لِأَنَّ التَّبَرِّي الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْمُدَلِّسُ، وَغَيْرُهُ فَالْمُدَلِّسُ لَا يُفِيدُهُ الْبَرَاءَةُ لِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، وَغَيْرُ الْمُدَلِّسِ يُفِيدُهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، وَأَمَّا إذَا تَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّدْلِيسُ.

[فَرْعٌ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ أَبَقَ فَهُوَ مِنْهُ]

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ أَبَقَ فَهُوَ مِنْهُ فَأَبَقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ فَهُوَ مِنْهُ كَانَ الْعَبْدُ عُرِفَ بِعَيْبِ الْإِبَاقِ أَمْ لَا انْتَهَى.

ص (وَرَدُّ سِمْسَارٍ جُعْلًا)

ش: أَيْ وَمِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ رَدُّ السِّمْسَارِ الْجُعْلَ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ رَدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ.

قَالَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ رَدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ اللَّبَّادِ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يُدَلِّسْ يَعْنِي الْبَائِعَ، وَأَمَّا إنْ دَلَّسَ فَالْجُعْلُ لِلْأَجِيرِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَذَكَرَ هَذَا التَّقْيِيدُ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ وَقَبِلُوهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: لِلسِّمْسَارِ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَيَّدَ الْقَابِسِيُّ كَلَامَ ابْنِ اللَّبَّادِ فَقَالَ: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ السِّمْسَارُ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ عَلِمَ فَهُوَ مُدَلِّسٌ أَيْضًا إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلٌ مِثْلُهُ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَاَلَّذِي أَرَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا سَمَّاهُ مِنْ الْجُعْلِ كَمَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ إلَّا أَنْ يَتَعَامَلَ رَبُّ السِّلْعَةِ وَالسِّمْسَارُ عَلَى التَّدْلِيسِ، فَيَكُونَ لَهُ حِينَئِذٍ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ السِّلْعَةِ قَالَ لَهُ: دَلِّسْ بِالْعَيْبِ، فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ رُدَّ فَلَا شَيْءَ لَكَ فَهُوَ غَرَرٌ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْجُعْلِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا الْغَرَرُ عَارِضٌ عَنْ شَيْءٍ تَسَبَّبَ فِيهِ بِخِلَافِ الْغَرَرِ النَّاشِئِ عَنْ نَفْسِ تَمَامِ الْعَمَلِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَرْضَ هَذَا التَّقْيِيدَ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: فَإِنْ دَلَّسَ لَمْ يَرُدَّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ وَزِيدَ إنْ جُهِلَ التَّدْلِيسُ، وَإِلَّا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَقِيلَ: إنْ تَعَامَلَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ جُعْلُهُ.

(الثَّانِي) : قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَإِنَّمَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ، وَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّهَا، وَأَمَّا إنْ قَبِلَهَا الْبَائِعُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْجُعْلِ كَالْإِقَالَةِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَقَبِلُوهُ، وَذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>