للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: رَوَى الشَّيْخُ: لَا يُقِيمُ مُحْرِمٌ مُطْلَقًا بِأَرْضِهِ إلَّا إقَامَةَ الْمُسَافِرِ انْتَهَى.

وَنَصُّ النَّوَادِرِ: وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يُقِيمُ بِأَرْضِهِ إلَّا إقَامَةَ الْمُسَافِرِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ الْمُحْرِمِ هَلْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الْمُعْتَكِفِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حَوَائِجِهِ وَيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا} [البقرة: ١٩٨] يَعْنِي التِّجَارَةَ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ فَحَالُهُ غَيْرُ حَالِ الْمُعْتَكِفِ فِي السَّفَرِ أَيْضًا إنْ أَرَادَهُ انْتَهَى.

مِنْ أَوَائِلِ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ]

، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهِيَ: مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَصَحَّ إحْرَامُهُ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ إحْرَامِهِ وَانْعِقَادِهِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ، مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ: الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَمَّا كَرَاهَةُ تَقْدِيمِهِ فَهُوَ الَّذِي يَحْكِيهِ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ الْمَذْهَبِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَنْزِلِهِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ انْتَهَى.

، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ بَلَدِهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ غَيْرَ أَنَّا نَكْرَهُ لِمَنْ قَارَبَ الْمِيقَاتَ أَنْ يُحْرِمَ قَبْلَهُ، وَقَدْ أَحْرَمَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَحْرَمَ مِنْ الْفَرْعِ كَأَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ انْتَهَى.

وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَوْلًا بِجَوَازِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثَ، وَوَجْهُ الْأُولَى الْمَشْهُورَةِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُحْرِمْ إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ، وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَكَأَنَّ تَوْقِيتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِهَذِهِ الْمَوَاقِيتِ نَهْيٌ عَنْ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا فِي الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إحْرَامَهُ مِنْ الْبَصْرَةِ انْتَهَى.

، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ مَعَ الْقُرْبِ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى إلَّا قَصْدُ الْمُخَالَفَةِ لِتَحْدِيدِ الشَّارِعِ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ، فَإِنَّ فِيهِ قَصْدَ اسْتِدَامَةِ الْإِحْرَامِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ: أَنَّ الْمِيقَاتَ إنَّمَا هُوَ لِمَنْعِ مُجَاوَزَتِهِ لَا لِمَنْعِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّخْفِيفُ فَمَنْ قَدَّمَ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَلِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ وَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَالْقَرَافِيُّ: مَا رَوَوْهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّذْرِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ فَلَعَلَّهُ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ لِلِاخْتِصَارِ لِتَسَاوِيهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: وَفِي رَابِغٍ تَرَدُّدٌ أَشَارَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ قَالَ حَكَى شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ رَابِغٍ مِنْ الْإِحْرَامِ أَوَّلَ الْمِيقَاتِ وَأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ وَمُتَّصِلٌ بِهَا قَالَ وَدَلِيلُهُ اتِّفَاقُ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَرَآهُ قَبْلَ الْجُحْفَةِ انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ، وَقَالَ فِي مَنَاسِكِهِ: وَرَأَى سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ أَنَّ إحْرَامَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ رَابِغٍ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ، مَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ وَمُتَّصِلٌ بِهَا وَكَانَ يَنْقُلُهُ عَنْ الزَّوَاوِيِّ انْتَهَى.

وَاقْتَصَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ عَنْ الزَّوَاوِيِّ وَنَصُّهُ وَرَابِغٌ أَوَّلُ مِيقَاتِ الْجُحْفَةِ انْتَهَى، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ سَيِّدِي أَبِي عَبْد اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>