صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَلَوْ سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ سَهْوًا يُوجِبُ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ سَجَدَهُ وَحْدَهُ وَلَا يَسْجُدُونَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَمَّتْ، وَلَوْ سَهَا فِي بَقِيَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ سَجَدَ لِسَهْوِ الْإِمَامِ بِالنَّقْصِ وَكَفَاهُ عَنْ سَهْوِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ سَهْوُ الْإِمَامِ لِزِيَادَةٍ فَلَا يَسْجُدُهَا الْمُسْتَخْلَفُ إلَّا بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاتِهِ، وَإِنْ سَهَا الْمُسْتَخْلَفُ الْمَسْبُوقُ فِيمَا اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ فِيمَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءً كَانَ سَهْوُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَجْزَأَهُ سُجُودُهُ لِسَهْوِ الْإِمَامِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا كَانَ سُجُودُهُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةٍ وَسُجُودُ الْمُسْتَخْلَفِ بِنَقْصٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بِهِمْ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَجْزِيهِ لِلسَّهْوَيْنِ، انْتَهَى جَمِيعُهُ مِنْ النَّوَادِرِ بِالْمَعْنَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَى الْإِمَامِ سُجُودٌ بَعْدِيٌّ، ثُمَّ سَهَا الْمَسْبُوقُ بِنَقْصٍ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصَلِّ صَلَاةُ السَّفَرِ]
ص (فَصْلٌ سُنَّ لِمُسَافِرٍ غَيْرِ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ)
ش: قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: السَّفَرُ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: سَفَرُ الظَّاهِرِ وَسَفَرُ الْبَاطِنِ فَسَفَرُ الْبَاطِنِ السَّفَرُ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّفَكُّرِ فِي مَخْلُوقَاتِهِ، وَسَفَرُ الظَّاهِرِ عَلَى قِسْمَيْنِ: سَفَرُ طَلَبٍ وَسَفَرُ هَرَبٍ فَسَفَرُ الْهَرَبِ وَاجِبٌ، وَهُوَ إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَرَامُ وَيَقِلُّ فِيهِ الْحَلَالُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَلَالُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهُرُوبُ مِنْ مَوْضِعٍ يُشَاهِدُ فِيهِ الْمُنْكَرَ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَشْهَدُ فِيهِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ أَوْ مَوْضِعٍ يُذِلُّ فِيهِ نَفْسَهُ إلَى بَلَدٍ أَوْ مَوْضِعٍ يُعِزُّ فِيهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُذِلُّ نَفْسَهُ قَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا كُنْتَ فِي أَرْضٍ يَذِلُّك أَهْلُهَا ... وَلَمْ تَكُ ذَا عِزٍّ بِهَا فَتَغَرَّبْ
؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ ... بِمَكَّةَ حَالٌ فَاسْتَقَامَ بِيَثْرِبِ
، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ لَا عِلْمَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ فِيهِ الْعِلْمُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ يَسْمَعُ فِيهَا سَبَّ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَلَوْ كَانَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَهَذَا سَفَرُ الْهُرُوبِ، وَأَمَّا سَفَرُ الطَّلَبِ فَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ كَسَفَرِ الْحَجِّ لِلْفَرِيضَةِ وَالْجِهَادِ إذَا تَعَيَّنَ، وَمَنْدُوبٌ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّاعَةِ، وَقُرْبَةٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ كَالسَّفَرِ لِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ أَوْ لِلتَّفَكُّرِ فِي مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمُبَاحٌ وَهُوَ سَفَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute