للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ هَذَا مِنْ الْمَفْهُومَيْنِ لُزُومًا فَمَفْهُومُ الْغَايَةِ كَقَوْلِهِ: وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ، وَكَقَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ: الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلْإِفَاقَةِ، وَكَقَوْلِهِ: إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ، وَمَفْهُومٌ الْحَصْرِ كَقَوْلِهِ: إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ حَصْرُ الْقَسْمِ فِي الزَّوْجَاتِ، وَكَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ: وَإِنَّمَا يُحْكَمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَكَقَوْلِهِ فِيهِ القاة وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ الْبَيِّنِ لَا بُدَّ أَنْ يُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرَهُ مَفْهُومُ الْوَصْفِ الْكَائِنِ فِي التَّعْرِيفَاتِ فَإِنَّهَا فُصُولٌ أَوْ خَوَاصُّ يُؤْتَى بِهَا لِلْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي وَأَظُنُّهَا مِمَّا قُيِّدَ عَنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُتُوحِ يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ لُزُومًا وَيُعْتَبَرُ غَيْرُهُ مِنْ الْمَفَاهِيمِ جَوَازًا وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِتَأَمُّلِ كَلَامِهِ وَقَبْلَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ عَنْ ابْنِ الْفُتُوحِ ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ (ثُمَّ قُلْت) وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِهَذَا فِيمَا وَصَفَهُ بِصِفَةٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِحُكْمِ مَا خَلَا مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ وَهَا هُنَا وَجْهٌ إذَا تَمَّ وَسَلَّمَ كَانَ رَقِيقَ الْحَوَاشِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ دُونَ غَيْرِهِ تَنْزِيلَهُ مَنْزِلَةَ الْمَنْصُوصِ فَتَنْصَرِفُ إلَيْهِ الْقُيُودُ وَالْمَفْهُومَاتُ وَنَحْوُهَا انْصِرَافَهَا لِلْمَنْطُوقَاتِ الْمَلْفُوظِ بِهَا وَإِذَا حُمِلَ عَلَى هَذَا انْحَلَّ بِهِ مُعْضِلَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِهِ كَقَوْلِهِ فِي الْجِهَادِ وَفِرَارٌ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى بَعْضِهَا فِي مَحَالِّهَا انْتَهَى. وَقَدْ يُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ إمَّا لِقُيُودٍ يَذْكُرُهَا أَوْ لِفُرُوعٍ يَعْطِفُهَا أَوْ يُشَبِّهُهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

ص (وَأُشِيرَ بِصُحِّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ إلَى أَنَّ شَيْخًا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ)

ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: أَيْ أُشِيرَ إلَى غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ بِلَفْظِ صُحِّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ مَبْنِيَّيْنِ لِلْمَفْعُولِ لِقَصْدِ عَدَمِ التَّبْيِينِ وَلِذَا نَكَّرَ شَيْخًا وَالْأَقْرَبُ إلَى التَّحْقِيقِ أَنَّ التَّصْحِيحَ فِيمَا يُصَحِّحُهُ الشَّيْخُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِحْسَانَ فِيمَا يَرَاهُ مَعَ احْتِمَالِ الشُّمُولِ فِيهَا وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالْوَصْفِ كَالْأَصَحِّ وَالْمُصَحَّحِ وَالْأَحْسَنِ

ص (وَبِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا تَرَدُّدُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالثَّانِي تَرَدُّدُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ فَقَوْلُهُ: أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ، مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي النَّقْلِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ: لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَرَدُّدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِفَقْدِ مَعْنَى التَّرَدُّدِ الَّذِي هُوَ التَّحَيُّرُ إذْ لَا تَحَيُّرَ مَعَ تَحْرِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُقْتَدَى بِهِمْ وَلَا سِيَّمَا أَمْثَالُ مَنْ تَقَدَّمَ وَتَرَدُّدُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْغَرْوِ لِلْمَذْهَبِ الْمُسَمَّى بِالطُّرُقِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الطَّرِيقَةُ عِبَارَةٌ عَنْ شَيْخٍ أَوْ شُيُوخٍ يَرَوْنَ الْمَذْهَبَ كُلَّهُ عَلَى مَا نَقَلُوهُ فَالطُّرُقُ عِبَارَةٌ عَنْ اخْتِلَافِ الشُّيُوخِ فِي كَيْفِيَّةِ نَقْلِ الْمَذْهَبِ وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ الطُّرُقِ مَا أَمْكَنَ وَالطَّرِيقُ الَّتِي فِيهَا زِيَادَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ ثِقَاتٌ وَحَاصِلُ دَعْوَى النَّافِي شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ عَلَامَةً يُمَيِّزُ بِهَا بَيْنَ التَّرَدُّدَيْنِ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ أَقَلُّ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ بَعْضَ مَا تَقَدَّمَ.

(قُلْت) وَقَدْ يَقَعُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ تَرَدُّدٌ، وَفِي قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: وَإنْ شَهِدَ ثَانِيًا فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى تَرَدُّدٌ. فَإِنَّ التَّرَدُّدَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ لِكَثْرَةِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي طَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ]

(فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي طَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَمَشْهُورِ أَقْوَالِهِ وَالتَّرْجِيحِ وَالْقِيَاسِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ بَذْلِ وُسْعِهِ فِي تَذَكُّرِهِ فِي قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْزُوَهُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>