للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ ذَلِكَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَجِّلَ بِالنِّكَاحِ حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيْضَةُ، وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ وِفَاقٌ؟ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَلْ يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ إذَا رَأَتْ أَوَّلَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِالتَّزْوِيجِ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَمَعْمُولُ تَزْوِيجٍ مَحْذُوفٌ، وَالْبَاءُ فِي بِرُؤْيَتِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَتَرْتَجِعُ الْحَامِلُ مَا بَقِيَ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ، وَغَيْرُ الْحَامِلِ مَا لَمْ تَرَ أَوَّلَ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنْ رَأَتْهُ فَقَدْ مَضَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَقْرَاءُ، وَالْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ قَالَ أَشْهَبُ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تَنْكِحَ حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيْضَةُ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا رَأَتْ الدَّمَ سَاعَةً أَوْ يَوْمًا، ثُمَّ يَنْقَطِعُ فَيُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيْضٍ فَإِذَا رَأَتْ امْرَأَةٌ هَذَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَلْتَرْتَجِعْ إلَى بَيْتِهَا، وَالْعِدَّةُ قَائِمَةٌ، وَلِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ حَتَّى تَعُودَ إلَيْهَا حَيْضَةٌ صَحِيحَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ انْتَهَى مِنْ أَوَائِلِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ، وَيَنْبَغِي هُوَ مِنْ كَلَامِ أَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ، وَاخْتَصَرَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ مَجْمُوعَ الْكَلَامِ لِأَشْهَبَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَاخْتُلِفَ هَلْ كَلَامُ أَشْهَبَ وِفَاقٌ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ، وَأَكْثَرَ الشُّيُوخِ أَوْ خِلَافٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ لِقَوْلِهِ هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَأَحَبُّ مَحْمُولًا عَلَى الْوُجُوبِ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ تَعْلِيلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ إذْ قَدْ يَنْقَطِعُ عَاجِلًا فَإِنَّهَا عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ انْتَهَى. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا قُلْنَا إنَّ الْمَرْأَةَ تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَهَلْ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِالنِّكَاحِ لِأَجْلِ تِلْكَ الرُّؤْيَةِ، وَخَوْفِ انْقِطَاعِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ وِفَاقٌ، وَلَا يَنْبَغِي لَهَا ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ، وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَأَحَبُّ لِلْوُجُوبِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ إنْ أَرَدْتَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ الْمُطَلَّقَةُ إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ عَنْهَا]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِحَمْلِ قَوْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ لَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ فَالْحُكْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ رُشْدٍ: لَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ، وَقَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ لِرُؤْيَتِهِ أَوَّلًا، وَرَأَوْا أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مِقْدَارِ الْحَيْضِ وَاحِدٌ فِي بَابَيْ الْعِبَادَاتِ، وَالْعَدَدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بَلْ يَضُرُّهَا، وَإِنَّمَا لَوْ يَطْلُبُ مِنْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ مَا طَلَبَهُ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِطَاعِ الدَّمِ، وَهُوَ أَيْضًا الْغَالِبُ فَلَا يَلْزَمُهَا وُجُوبًا، وَلَا اسْتِحْبَابًا رَعَى مُخَالَفَةَ الْأَصْلِ، وَالْغَالِبِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَمَادَ بِهَا لَا تُحْتَسَبُ بِهِ حَيْضَةٌ انْتَهَى.

[التَّنْبِيه الثَّانِي مَاتَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَقَبْلَ التَّمَادِي]

(الثَّانِي) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَقَبْلَ التَّمَادِي فَإِنَّهُ يُحْمَلُ أَمْرُهَا فِيهِ عَلَى التَّمَادِي، وَلَا يَرِثُهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ حِينَئِذٍ لَمْ تَرِثْهُ إنْ تَمَادَى، وَإِنْ قَالَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالْيَوْمِ، وَالشَّيْءُ الْقَرِيبِ انْقَطَعَ الدَّمُ عَنِّي، وَكَانَ مَوْتُهُ بِإِثْرِ قَوْلِهَا ذَلِكَ وَرِثَتْهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

[التَّنْبِيه الثَّالِث رَاجَعَهَا زَوْجُهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَعَدَمِ تَمَادِيهِ ثُمَّ رَجَعَ الدَّمُ]

(الثَّالِثُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ عِيَاضٌ اخْتَلَفُوا إذَا رَاجَعَهَا زَوْجُهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ هَذَا الدَّمِ، وَعَدَمِ تَمَادِيهِ، ثُمَّ رَجَعَ الدَّمُ بِالْقُرْبِ هَلْ هِيَ رَجْعَةٌ فَاسِدَةٌ إذْ قَدْ ظَهَرَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَتَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ قِيلَ لَا تَبْطُلُ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ خَلِيلٌ، وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَوْ لَمْ يُعَاوِدْهَا الدَّمُ أَنَّ الرَّجْعَةَ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ قَالَتْ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ رَأَيْتُ الدَّمَ، ثُمَّ ادَّعَتْ انْقِطَاعَهُ انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ قَدْرِ الْحَيْضِ فِي الْعِدَّةِ]

ص (وَرَجَعَ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ، وَفِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوَّلًا، وَمَا تَرَاهُ الْيَائِسَةُ هَلْ هُوَ حَيْضٌ لِلنِّسَاءِ)

ش: ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>