للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الرُّبَاعِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ هَذَا قَدْ حَازَهَا دُونَ الْآخَرِ فِيمَا يُهْدَمُ وَيُبْنَى وَيُسْكَنُ وَيُكْرَى. اهـ وَهَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الرِّسَالَةِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَهَكَذَا عَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ شَاسٍ وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ عَنْ التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِالْقِتَالِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ كَانَتْ أَبْلَغَ شَيْءٍ فِي الْأَعْذَارِ وَاعْتَمَدَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ دَعْوَى يُكَذِّبُهَا الْعُرْفُ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ بَقَاءَ مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِيَدِ الْغَيْرِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ عَشْرَ سِنِينَ دَلِيلٌ عَلَى انْتِقَالِهِ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ فَقَالَ وَفِي تَحْدِيدِ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ بِعَشْرٍ أَوْ سَبْعٍ ثَالِثُهَا لَا تَحْدِيدَ بِعِدَّةٍ بَلْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ.

[مَسْأَلَة قَنَاةٍ تَجْرِي مُنْذُ سَنَةٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ وَاَلَّذِي تَجْرِي عَلَيْهِ سَاكِتٌ]

(مَسْأَلَةٌ) فِي قَنَاةٍ تَجْرِي مُنْذُ سَنَةٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ وَاَلَّذِي تَجْرِي عَلَيْهِ سَاكِتٌ لَا تَكُونُ السَّنَةُ حِيَازَةً لِلتَّغَافُلِ عَنْ مِثْلِهَا وَسُكُوتُ أَرْبَعِ سِنِينَ طُولٌ وَحَوْزٌ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لِابْنِ يُونُسَ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَهَلْ يَكُونُ قَوْلًا رَابِعًا أَوْ لَا؟ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ وَلَا بَيِّنَةَ هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ يَعْنِي أَنَّ الْحِيَازَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا عَدَمُ الْعَمَلِ بِهَا وَبِمُقْتَضَاهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينٌ إذَا أَنْكَرَ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ ابْتِدَاءً وَلَا يُسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَوَابِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي وَيَعْتَقِدَ أَنَّ مُجَرَّدَ حَوْزِهِ يُوجِبُ لَهُ الْمِلْكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَوْزَ وَحْدَهُ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ وَإِنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّ الْحَائِزَ لَا يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ إلَّا إذَا جَهِلَ أَصْلَ مَدْخَلِهِ فِيهَا وَهَذَا أَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِالْحِيَازَةِ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ بِرُمَّتِهِ فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتِهِ. يَعْنِي أَنَّ الْحِيَازَةَ الْمَذْكُورَةَ مَانِعَةٌ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَمَنْ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى لَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ فَالْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّمَا قَالَ وَلَا بَيِّنَتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةَ عَنْ الْبَيِّنَةِ هِيَ الَّتِي لَا تُسْمَعُ وَأَمَّا إذَا قَامَتْ بِهَا الْبَيِّنَةُ فَتُسْمَعُ كَمَا تَقُولُ فِي دَعْوَى الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ الْعِتْقَ، وَالْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الطَّلَاقَ. فَإِنَّ دَعْوَاهُمَا لَا تُسْمَعُ إذَا كَانَتْ مُجَرَّدَةً عَنْ الْبَيِّنَةِ أَعْنِي أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ بِسَبَبِهِمَا يَمِينٌ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُمَا سُمِعَتْ وَأَيْضًا فَإِنَّمَا قَالَ وَلَا بَيِّنَةٍ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي بِأَنَّهُ أَسْكَنَ الْحَائِزَ أَوْ أَعْمَرَهُ أَوْ سَاقَاهُ أَوْ زَارَعَهُ أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى رَدِّ دَعْوَى الْحَائِزِ وَقُضِيَ لَهُ هَذَا إنْ ادَّعَى الْحَائِزُ أَنَّ الْمَالِكَ بَاعَهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدَّعِ نَقْلَ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا تَمَسَّكَ بِمُجَرَّدِ الْحِيَازَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ.

[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الْحِيَازَةُ عَلَى النِّسَاءِ]

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ مُقَيَّدَانِ بِمَا إذَا لَمْ يَهْدِمْ مَا يُخْشَى سُقُوطُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ وَكَذَا الْإِصْلَاحَ الْيَسِيرَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (الثَّانِي) الْحِيَازَةِ عَلَى النِّسَاءِ عَامِلَةٌ إنْ كُنَّ فِي الْبَلَدِ. ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ فِي الْمُقْنِعِ (الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا حِيَازَةَ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا عَلِمَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ عَلَى حَقِّهِ وَقَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ (الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَمَّا الْمُدَّةُ فَيَنْبَغِي أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>