للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِرِ هَذَا الْفَصْلِ وَفِي فَصْلِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ نَحْوُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.

[فَرْعٌ تَوَضَّأَ عَلَى بَلَاطٍ نَجِسٍ وَطَارَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ الْبَلَاطِ]

(فَرْعٌ) ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْد أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى بَلَاطٍ نَجِسٍ وَطَارَ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ الْبَلَاطِ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً غَسَلَ مَا تَطَايَرَ عَلَيْهِ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَتَوَالَى الْبَلَلُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا إنَّمَا نَمَتْ وَذَهَبَتْ.

ص (أَوْ كَثِيرًا خُلِطَ بِنَجَسٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ إذَا خَالَطَهُ شَيْءٌ نَجِسٌ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ فَإِنَّهُ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَيُعْلَمُ قَدْرُ الْكَثِيرِ مِنْ تَحْدِيدِ الْقَلِيلِ الْآتِي ثُمَّ أَنَّ هَذَا الْكَثِيرَ إنْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ كَثِيرٌ فَلَا خِلَافَ فِي طَهُورِيَّتِهِ سَوَاءٌ خُلِطَ بِنَجَسٍ أَوْ طَاهِرٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي كَوْنِهِ كَثِيرًا فَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ طُرُقًا الْأُولَى أَنَّهُ طَهُورٌ وَلَوْ خُلِطَ بِنَجَسٍ اتِّفَاقًا وَعَزَّاهَا لِلْأَكْثَرِ، الثَّانِيَةُ أَنَّهُ طَهُورٌ وَشَذَّتْ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ يَعْنِي فِي أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ وَعَزَّاهَا لِابْنِ رُشْدٍ، الثَّالِثَةُ كَرَاهَتُهُ وَعَزَّاهَا لِابْنِ زَرْقُونٍ وَأَشَارَ لَهَا التُّونُسِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الطُّرُقَ جَارِيَةٌ فِي الْكَثِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى كَثْرَتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ التَّوْضِيحِ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ نَاقِضَةً لِلِاتِّفَاقِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: هَذِهِ رِوَايَةٌ مَائِلَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْأُصُولِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ لِلْمَاءِ الْكَثِيرِ بِحُكْمِ النَّجِسِ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّ الْمُخَالَطَ الطَّاهِرَ لَا أَثَرَ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ شُكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ يَضُرُّ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ وَشُكَّ فِي الَّذِي غَيَّرَهُ هَلْ هُوَ مِمَّا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ أَوْ مِمَّا لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ؟ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ وَعَزَّ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْفَرْعَ لِلْمَازِرِيِّ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّهُ أَخَلَّ بِهِ الْبَرَاذِعِيُّ بَلْ كَلَامُهُ فِيهِ يُوهِمُ غَيْرَ الْمَقْصُودِ وَهِيَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَعَقَّبَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ بِلَفْظٍ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِمَاءِ الْبِئْرِ تَنْتُنُ مِنْ الْحَمْأَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ مَا وُجِدَ فِي الْفَلَوَاتِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ غَدِيرٍ قَدْ أَنْتَنَا وَلَا أَدْرِي لِمَ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْهَا وَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الطِّرَازِ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ أَنَّ الشَّيْءَ مَتَى شَكَّ فِي حُكْمِهِ رَدَّ إلَى أَصْلِهِ وَالْأَصْلُ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ وَالتَّطْهِيرُ وَقَالَ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي الْحَوْضِ يَتَغَيَّرُ رِيحُهُ وَلَمْ يُرَ فِيهِ أَثَرُ مَيْتَةٍ وَلَا جِيفَةٍ وَالدَّوَابُّ وَالسِّبَاعُ تَشْرَبُ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يُرَ فِيهِ شَيْءٌ يُعْلَمُ أَنَّ فَسَادَ الْمَاءِ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الرُّشْدِ هُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْمِيَاهَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ حَيْثُ يَتَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ وَأَحْرَى إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ الطَّهَارَةِ وَأَمَّا إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ النَّجَاسَةِ أَوْ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ فَيُعْمَلُ عَلَيْهِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَإِذَا لَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْ شَيْءٍ تَغَيَّرَ الْمَاءُ نَظَرَ لِظَاهِرِ أَمْرِهِ فَيُقْضَى بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْ شَيْءٍ هُوَ حُمِلَ عَلَى الطَّهَارَةِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا آبَارُ الْمُدُنِ إذَا أَنْتَنَتْ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَتْ هُنَا حَالَةَ تَرَيُّبٍ كَالْآبَارِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْمَرَاحِيضِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ تُتْرَكُ الْيَوْمَيْنِ فَإِنْ طَابَتْ وَإِلَّا لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهَا انْتَهَى، وَمَسْأَلَةُ الْبِئْرِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمَازِرِيُّ أَوَاخِرَ سَمَاعِ أَشْهَبَ مُكَرَّرَةٌ قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الْأُخَرِ.

وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ نَتْنَهَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ بَأْسًا أَنْ يُتَوَضَّأَ مِنْهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ حَمْلُ الْمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَنْتَنَ مِنْ نَجَاسَةِ قَنَوَاتِ الْمَرَاحِيضِ الَّتِي تَتَخَلَّلُ الدُّورَ فِي الْقُرَى بِخِلَافِ الْبِئْرِ فِي الصَّحْرَاءِ إذَا أَنْتَنَ وَلَمْ يَدْرِ بِمَاذَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَنْتَنَ مِنْ رُكُودِهِ وَسُكُونِهِ فِي مَوْضِعِهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ لِنَجَاسَتِهِ سَبَبٌ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ نَتْنَ الْبِئْرِ لَيْسَ مِنْ قَنَوَاتِ الْمَرَاحِيضِ الَّتِي بِجَانِبِهَا لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ زَادَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي وَيُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَالْغَدِيرِ وَقَالَ قَبْلُهُ فِي خَلِيجِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَإِذَا جَرَى النِّيلُ كَانَ صَافِيًا وَإِذَا ذَهَبَ النِّيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>