للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلَفَ مَالًا، وَلَا لِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي الْمَغِيبِ فَإِنْ أَحَبَّتْ زَوْجَتُهُ الْفِرَاقَ فَإِنَّهَا تَقُومُ عِنْدَ السُّلْطَانِ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ، وَالثَّانِي غَائِبٌ لَمْ يَتْرُكْ نَفَقَةً، وَلِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي الْمَغِيبِ فَزَوْجَتُهُ مُخَيَّرَةٌ فِي أَنْ تَقُومَ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ أَوْ بِشَرْطِهَا، وَهُوَ أَيْسَرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُضْرَبُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَجَلٌ، وَالثَّالِثُ غَائِبٌ خَلَفَ نَفَقَةً، وَلِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي الْمَغِيبِ، فَهَذِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَقُومَ إلَّا بِالشَّرْطِ خَاصَّةً، وَسَوَاءٌ كَانَ الْغَائِبُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَوْجُهِ مَعْلُومَ الْمَكَانِ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ إلَّا أَنَّ مَعْلُومَ الْمَكَانِ يُعْذَرُ إلَيْهِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ، وَالرَّابِعُ غَائِبٌ خَلَفَ نَفَقَةً، وَلَا شَرْطَ لِامْرَأَتِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَعْلُومُ الْمَكَانِ، فَهَذَا يَكْتُبُ إلَيْهِ السُّلْطَانُ إمَّا أَنْ يَقْدُمَ أَوْ يَحْمِلَ امْرَأَتَهُ إلَيْهِ أَوْ يُفَارِقَهَا، وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَالْخَامِسُ غَائِبٌ خَلَفَ نَفَقَةً، وَلَا شَرْطَ لِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمَكَانِ فَهَذَا هُوَ الْمَفْقُودُ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ.

وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّابِعِ مِنْ أَنَّهُ يَكْتُبُ إلَيْهِ السُّلْطَانُ إلَى آخِرِهِ، وَإِلَّا طَلَّقَهَا عَلَيْهِ لَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يَنْتَظِرُ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ لَمْ يَحُدَّهَا هُنَا يَعْنِي فِي هَذَا الرَّسْمِ فِي الطُّولِ حَدًّا، وَقَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ شَهِدَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّ السَّنَتَيْنِ، وَالثَّلَاثَ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ، وَلَيْسَ بِطُولٍ، وَهَذَا إذَا بَعَثَ إلَيْهَا بِنَفَقَةٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَبْعَثْ إلَيْهَا بِنَفَقَةٍ، وَلَا عُلِمَ لَهُ مَالٌ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ، وَالتَّلَوُّمِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُوسِرٌ بِمَوْضِعِهِ فَتُفْرَضُ لَهَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِ تُتْبِعُهُ بِهَا، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، فَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُطِلْ عَلَى مَا قَالَ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى كَلَامُهُ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ.

[تَنْبِيهٌ مَالِ الْمَفْقُودِ]

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ، وَيَجْمَعُهُ، وَيُوقِفُهُ كَانَ بِيَدِ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُوَكِّلُ بِهِ مَنْ يَرْضَى، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ يَرَاهُ لِذَلِكَ أَهْلًا أَقَامَهُ لَهُ، وَيَنْظُرُ فِي قِرَاضِهِ وَوَدَائِعِهِ، وَيَقْبِضُ دُيُونَهُ، وَلَا يَبْرَأُ مَنْ دَفَعَ مِنْ غُرَمَائِهِ إلَى وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّ وَرَثَتَهُ لَمْ يَرِثُوهُ بَعْدُ، وَمَا أَسْكَنَ أَوْ أَعَارَ أَوْ آجَرَ إلَى أَجَلٍ أُرْجِئَ إلَيْهِ، وَإِنْ قَارَضَ إلَى أَجَلٍ فُسِخَ، وَأُخِذَ الْمَالُ، وَمَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ اعْتِرَافٍ أَوْ عُهْدَةِ ثَمَنٍ أَوْ عَيْبٍ قَضَى بِهِ، وَعَلَيْهِ، وَلَا يُقَامُ لَهُ وَكِيلٌ، وَتُبَاعُ عُرُوضُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ أَوْ أَسْنَدَ إلَيْهِ الْوَصِيَّةَ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِذَا قَضَى بِمُدَّتِهِ بِحَقِيقَةٍ أَوْ تَعْمِيرٍ جَعَلَ لِلْوَصِيِّ وَصِيَّةً، وَأَعْطَتْ لِلْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ إنْ كَانَ حَيًّا، وَحِمْلُهَا الثُّلُثُ، وَإِلَّا أُعِيدَتْ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ زَوْجُهَا قَضَيْتُ لَهَا كَقَضَائِي عَلَى الْغَائِبِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ أَوْ اعْتِرَافٌ أَيْ اسْتِحْقَاقٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ عُهْدَةُ ثَمَنٍ أَيْ اسْتِحْقَاقُ مَا بَاعَ فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَيْبٌ أَيْ بَاعَ سِلْعَةً فَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ، وَقَوْلُهُ، وَلَا يُقَامُ لَهُ وَكِيلٌ، وَجْهُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَعْلَمُ حُجَجَ الْغَائِبِ، وَيَقُومُ بِحُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ الْقَاعِدَةُ إنَّ الْإِمَامَ لَا يَتَعَرَّضُ لِدُيُونِ الْغَائِبِ يَقْضِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا أَوْ مُولًى عَلَيْهِ أَوْ يَكُونَ حَاضِرًا، وَيُرِيدَ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ، وَرَبُّ الدِّينِ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ فَلَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَفْسَدَ شَخْصٌ مَالَ غَائِبٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْقِيمَةَ، وَيَحْبِسُهَا الْغَائِبُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي النُّكَتِ فَانْظُرْهُ، وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَأَمَّا مَالُ الْمَفْقُودِ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ، وَيُثَقِّفَهُ، وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ مَنْ يَرْتَضِيهِ مِنْ أَهْلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَيُقَدِّمَهُ لِلْقِيَامِ بِتَمْيِيزِ مَالِهِ، وَالنَّظَرِ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَمْلَاكٌ اغْتَلَّهَا وَرَم مَا وَهِيَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فِي خَرَاجِهِمْ مَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَتِهِمْ، وَكُسْوَتِهِمْ حَبَسَهُ لَهُ، وَإِلَّا بَاعَهُمْ عَلَيْهِ، وَيَقْتَضِي دُيُونَهُ إنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ حُلُولِ آجَالِهَا، وَيُمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِهَا، وَالْخِصَامِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ مَا اسْتَوْدَعَهُ الْمَفْقُودُ أَوْ قَارَضَهُ، وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ دُيُونٍ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ قَضَاهَا عِنْدَ حُلُولِ آجَالِهَا بَعْدَ بَيَانِ أَرْبَابِهَا، وَمَا تَرَاخَى أَجَلُهُ مِنْهَا، وَمَنْ مُهُورِ نِسَائِهِ، وَلَا تَحِلُّ إلَّا بِانْقِضَاءِ تَعْمِيرِهِ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ، وَمَا تَرَاخَى أَجَلُهُ يُرِيدُ تَرَاخَى أَجَلُهُ بَعْدَ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَيُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>