للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا إلَّا أَنْ تُعْتَقَ هِيَ أَيْضًا فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا فِي حَمْلِهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ وَلَدُهُ، انْتَهَى. فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: يَوْمِئِذٍ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهَا إذَا عَتَقَ نَفَقَةَ أَوَّلِ الْحَمْلِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا فِي بَقِيَّةِ حَمْلِهَا، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (غَيْرُ سَرَفٍ)

ش: نَحْوُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا وَجَبَ لَهَا الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا وَوَلَدِهَا وَوَجَبَ لِلْأَجْنَبِيِّ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ؛ فَإِنَّمَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْمُعْتَادِ فِي حَقِّ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، فَأَمَّا مَا كَانَ سَرَفًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُنْفِقُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَصْدِ الْمُنْفَقِ بِهِ الْعَطِيَّةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ التَّوْسِعَةَ فِي زَمَنِهَا كَالْأَعْيَادِ فَيَرْجِعُ بِذَلِكَ.

ص (وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ وَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ) ش وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْيَتِيمِ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ نَاضٌّ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَتَرَكَهُ وَأَنْفَقَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، قَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَلِّفَ الْأَيْتَامَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِمْ إنْ كَانَ لَهُمْ يَوْمَ السَّلَفِ عَرَضٌ أَوْ عَقَارٌ ثُمَّ يَبِيعُ وَيَسْتَوْفِي، انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ذَكَرَ هُنَا الْعَقَارَ وَالْعَرْضَ وَفِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَلِلْيَتِيمِ مَالٌ ظَاهِرُهُ كَانَ عَيْنًا أَمْ لَا، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْيَتِيمِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُمْ أَمْوَالُ عُرُوضٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: فِي الْمَالِ حَيْثُ ذَكَرَهُ عَلَى الْعُرُوضِ كَمَا قَالَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ نَاضٌّ، فَلَا فَائِدَةَ فِي السَّلَفِ، وَانْظُرْ عَلَى هَذَا لَوْ سَلَّفَهُ وَلَهُ نَاضٌّ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا.؟ ، قَالَ فِي وَثَائِقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بِيَدِهِ نَاضٌّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا أَسَلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ، انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ الْوَانُّوغِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، قَالَ فِي الْمَحَلِّ: وَلَوْ أَسْلَفَهُ وَلِلْيَتِيمِ نَاضٌّ فِي بَلَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَتِيمَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى سَلَفِهِ، وَهُوَ فِي نَفَقَتِهِ عَلَى الْيَتِيمِ حِينَئِذٍ مُتَطَوِّعٌ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ مَالٌ وَقَالَ: الْوَصِيُّ أَنَا أُسَلِّفُهُ؛ فَإِنْ أَفَادَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ، فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ أَفَادَ الْيَتِيمُ مَالًا اهـ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ لَهُ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَفَادَ الْيَتِيمُ عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ أَمْ لَا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ الَّذِي عَلِمَ الْمُنْفِقُ وَكَبُرَ الصَّبِيُّ فَأَفَادَ مَالًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

[فَرْعٌ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِ رَجُلٍ غَائِبٍ مُوسِرٍ وَخَافَ ضَيْعَتَهُ]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) مَنْ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِ رَجُلٍ غَائِبٍ مُوسِرٍ وَخَافَ ضَيْعَتَهُ؛ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ بِمَا أَنْفَقَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِبْهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ لَمَّا كَانَ نَفَقَتُهُمْ وَاجِبَةً عَلَى الْأَبِ، كَمَنْ قَضَى عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا عَلَى أَنْ يَتْبَعَهُ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِهَا اهـ مِنْ بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الطِّرَازِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ غَابَ أَوْ فُقِدَ فَأَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى وَلَدِهِ فَقَدِمَ أَوْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَدِيمًا لَمْ يَتْبَعْهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَلَا وَلَدَهُ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ وَلَا لَهُ مَالٌ فَهُوَ كَالْيَتِيمِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ احْتِسَابًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمُرَ ذِمَّةً بِدَيْنٍ إلَّا بِرِضَاهُ، إذْ لَيْسَ مِمَّنْ يُجَوِّزُ عَلَى نَفْسِهِ رِضَاهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْ لِلْيَتِيمِ مَالٌ فَلِلْمُنْفِقِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>