للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: وَحُرِّمَ صَرْفٌ بِمُوَاعَدَةٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَّرَ الْمَازِرِيُّ الْكَرَاهَةَ، وَنَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَسَبَهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ: " وَأَمَّا الْمُوَاعَدَةُ فَتُكْرَهُ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَتَمَّ الصَّرْفُ لَمْ يُفْسَخْ الصَّرْفُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: يُفْسَخُ وَلَعَلَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَتَرَاوَضَا عَلَى السَّوْمِ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ: اذْهَبْ مَعِي أَصْرِفْ مِنْكَ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ: " إذَا رَاوَضَهُ عَلَى السَّوْمِ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ مَعِي أَصْرِفْ مِنْكَ ذَهَبَكَ بِكَذَا وَكَذَا " اهـ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الْكَرَاهَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُرَاوَضَةِ، وَظَاهِرُهَا الْمَنْعُ وَلِابْنِ نَافِعٍ الْجَوَازُ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَالثَّلَاثَةُ جَارِيَةٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقَالَ سَنَدٌ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ بَدَأَ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَصَارَفَا كُرِهَ أَنْ يَتَصَارَفَا وَإِنْ تَصَارَفَا وَفَاتَ الْعَقْدُ فَلَا يُرَدُّ اهـ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَجَازَ هُنَا ابْنُ مَنَاسٍ التَّعْرِيضَ، وَهُوَ صَحِيحٌ اهـ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ وَلَفْظُهُ: " وَذُكِرَ عَنْ أَبِي مُوسَى بْنِ مَنَاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ التَّعَرُّضَ فِي الصَّرْفِ كَمَا يَجُوزُ فِي الْعِدَّةِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنِّي لَمُحْتَاجٌ إلَى دَرَاهِمَ أَصْرِفُهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْقَوْلِ (قُلْت) وَعَلَى مَا أَجَازُوهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ: إنِّي لَكَ لَمُحِبٌّ وَفِيكَ رَاغِبٌ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ هُنَا إنِّي أُحِبُّ دَرَاهِمَكَ وَرَاغِبٌ فِي الصَّرْفِ مِنْكَ وَنَحْوُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ بِدَيْنٍ إنْ تَأَجَّلَ وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا)

ش: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُلَقَّبُ بِالصَّرْفِ فِي الذِّمَّةِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دِينَارٌ أَوْ دَنَانِيرُ، وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فَيَتَطَارَحَانِ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ مُؤَجَّلًا أَوْ مَا فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ حَلَّا جَمِيعًا جَازَ، وَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ أَعْنِي قَوْلَهُ: " وَإِنْ تَأَجَّلَ " وَكَذَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَرَادَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يُصَارِفَ صَاحِبَهُ عَلَيْهِ جَازَ إنْ كَانَ قَدْ حَلَّ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعِوَضَ الْآخَرَ فِي سَاعَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا، قَالَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا.

(تَنْبِيهٌ) وَلَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ لَكَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ إلَى أَجَلٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَأَخَذْت بِهَا مِنْهُ دَنَانِيرَ نَقْدًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ حَالَّةً جَازَ اهـ.

[فَرْعٌ كَانَ لَكَ عَلَى شَخْصٍ دِينَارٌ فَجَاءَكَ بِدَرَاهِمَ لِتَصْرِفَهَا بِدِينَارٍ فَأَرَدْتَ مُقَاصَّتَهُ]

(فَرْعٌ) فَإِنْ كَانَ لَكَ عَلَى شَخْصٍ دِينَارٌ فَجَاءَكَ بِدَرَاهِمَ لِتَصْرِفَهَا بِدِينَارٍ فَلَمَّا وَزَنْت الدَّرَاهِمَ وَقَبَضْتَهَا أَرَدْتُ مُقَاصَّتَهُ فِي الدِّينَارِ الَّذِي لَكَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ غَرَمْتَ لَهُ دِينَارَ الصَّرْفِ وَلَكَ مُطَالَبَتُهُ بِدِينَارِكَ. قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: أَنَّ لَكَ حَبْسَهُ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، قَالَ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّ صَاحِبَ الدِّينَارِ إنْ أَرَادَ أَخْذَ الدَّرَاهِمِ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ صَاحِبَ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ دِينَارِ الصَّرْفِ، فَلَا يَكُونُ دِينَارُ الصَّرْفِ لِصَاحِبِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، قَالَ: بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَكَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ وَأَرَدْتَ مُقَاصَّتَهُ بِالدِّينَارِ كَانَ لَكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَجَبَ لَهُ عِنْدَك دِينَارٌ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>