بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ فَرَهَنَهُ عَلَى ذَلِكَ فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْقَيْدَيْنِ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ إذَا عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الرَّهْنَ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنِ ثِقَةٍ وَهَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِصَاحِبِ التَّقْيِيدَيْنِ.
الثَّانِي إذَا انْتَفَى الْأَمْرَانِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ، وَعَيَّنَ الرَّهْنَ فَيُعَجَّلُ الْحَقُّ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ أَيْضًا مُوَافِقٌ لِصَاحِبِ التَّقْيِيدَيْنِ. الثَّالِثُ إذَا انْتَفَى الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الرَّهْنَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا تَعْجِيلُ الْحَقِّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ وَمُخَالِفٌ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. الرَّابِعُ إذَا انْتَفَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَكُونَ عَلِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَعَيَّنَ الرَّهْنَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا تَعْجِيلُ الْحَقِّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا عَجَّلَ، وَجَعَلَ اللَّخْمِيّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الرَّهْنِ قَالَ: وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الرَّهْنِ فَلَا يُعَجَّلُ اتِّفَاقًا وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَرَادَ الْكَافِرُ أَخْذَ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَوْ عَجَّلَهُ لَكَانَ ذَلِكَ لَهُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ
ص (كَعِتْقِهِ)
ش: الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، وَلَيْسَ هُوَ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ مُفَصَّلَةً فِي بَابِ الرَّهْنِ.
ص (وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ)
ش: قَالَ فِي الْكَبِيرِ: يَعْنِي فَإِنْ بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ بِيعَ عَلَيْهِ فَوُجِدَ بِهِ عَيْبٌ جَازَ لِمَنْ ابْتَاعَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ لِلْبِسَاطِيِّ، وَفَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ عَبْدًا كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ وَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الرَّدِّ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ رَدُّهُ. وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ.
ص (وَفِي خِيَارِ مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ يُمْهَلُ لِانْقِضَائِهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ لِمُسْلِمٍ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ يُمْهَلُ لِانْقِضَائِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِ بِالتَّأْخِيرِ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ
ص (وَيُسْتَعْجَلُ الْكَافِرُ)
ش: أَيْ، وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْكَافِرِ، فَإِنَّهُ يُسْتَعْجَلُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُبْتَاعًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالثَّانِي مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ
ص (كَبَيْعِهِ إنْ أَسْلَمَ، وَبَعُدَتْ غَيْبَةُ سَيِّدِهِ)
ش: تَشْبِيهٌ فِي تَعْجِيلِ الْبَيْعِ، وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَجَهْلُ مَوْضِعِهِ كَبُعْدِ غَيْبَتِهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُطْمَعْ بِقُدُومِ السَّيِّدِ، وَأَمَّا إنْ طُمِعَ بِقُدُومِهِ اُنْتُظِرَ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْغَيْبَةِ بِالْبَعِيدَةِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ فِي الْقَرِيبَةِ، وَيَنْتَظِرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ فِي غَيْرِ مَوَاضِعَ أَنَّ الْغَيْبَةَ الْقَرِيبَةَ كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمَيْنِ، وَفِي الشَّهَادَةِ كَالثَّلَاثَةِ، وَفِي الْأَجْوِبَةِ الْبَعِيدَةُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ بِيعَ الْعَبْدُ ثُمَّ قَدِمَ السَّيِّدُ فَأَثْبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ]
(فَرْعٌ) : فَإِنْ بِيعَ الْعَبْدُ ثُمَّ قَدِمَ السَّيِّدُ فَأَثْبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ عَتَقَ كَانَ لَهُ نَقْضُ الْعِتْقِ