للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَهَى.

وَذَكَرَهَا الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَبَيَّنَ وَجْهَ مُنَافَاةِ الْبَيْعِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ وَذَكَرَهَا مَنْظُومَةً فِي أَبْيَاتٍ خَمْسَةٍ وَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْحَسَنِ وَذَكَرَ أَنَّ الْمَنْعَ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَنَّ أَشْهَبَ يُخَالِفُهُ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمُغَارَسَةِ لَا تَجُوزُ مَعَ الْبَيْعِ، وَأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْجُعْلِ، وَقَالَ فِي الشَّرِكَةِ مَعَ الْبَيْعِ: وَهَذَا إذَا اسْتَقَلَّتْ الشَّرِكَةُ عَنْ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي الْبَيْعِ فَهِيَ جَائِزَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَفِي رَسْمِ نَقْدِهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى أَيْضًا مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْعُ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي الْبَيْعِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةَ بِالطَّعَامَيْنِ وَبِالدَّنَانِيرِ مِنْ جَانِبٍ وَالدَّرَاهِمِ مِنْ آخَرَ وَزَادَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ السَّلَمَ وَالْإِقَالَةَ، وَقَالَ: جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ {جِصّ نَقْش قس} انْتَهَى، وَقَالَ الْجُزُولِيُّ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَكَذَلِكَ مَا قَارَنَ السَّلَفَ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ حَصْرُهُ أَنْ تَقُولَ: كُلُّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِنَهُ السَّلَفُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَاوَضَةٍ مَا قَارَنَ السَّلَفَ كَالصَّدَقَةِ نُظِرَتْ فَإِنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ مِنْ صَاحِبِ السَّلَفِ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ أَسَلَفَهُ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَالسَّلَفُ لَا يَكُونُ إلَّا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى. وَقَوْلِي مَعَ عُقُودِي كُلِّهَا يَشْمَلُ الْقِرَاضَ وَالشَّرِكَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ مُقَارَنَتُهُمَا لِلسَّلَفِ إلَّا إنْ كَانَ النَّفْعُ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَسَلِّفِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَعُقُودِ الْمَعْرُوفِ كَمَا أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْجُزُولِيُّ فِي الصَّدَقَةِ لَيْسَتْ مِنْ عُقُودِ الْمَعْرُوفِ فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ مَعَ الْخُلْعِ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَاجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ جَائِزٌ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، وَالصَّرْفُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ فَيُمْنَعُ مَعَ الْعُقُودِ الَّتِي تُمْنَعُ مَعَ الْبَيْعِ، بَلْ هُوَ أَشَدُّ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ الصَّرْفُ مَعَ نِكَاحٍ وَلَا فِي دِينَارٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَيَدْفَعَ لَهَا دِينَارًا وَيَأْخُذَ مِنْهَا بِالنِّصْفِ الْبَاقِي دَرَاهِمَ وَلَا مَعَ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ وَالْجُعْلِ، بَلْ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الصَّرْفِ مَعَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ مَعَ الْبَيْعِ، بَلْ وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ ذَلِكَ فِي دِينَارٍ وَاحِدٍ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي لَا يَرَى أَنَّ قَبَضَ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْكِرَاءُ كَقَبْضِ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ وَمَا وَقَعَ فِي رَسْمِ: صَلَّى نَهَارًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ إجَازَةِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي يَرَى أَنَّ قَبْضَ الشَّيْءِ الْمُكْتَرَى يُسْتَوْفَى مِنْهُ قَبْضُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ انْتَهَى. نَعَمْ إنْ عَقَدَ الْإِجَارَةَ بِنِصْفِ دِينَارٍ، وَاسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ، ثُمَّ دَفَعَ دِينَارًا وَأَخَذَ نِصْفَهُ فَالظَّاهِرُ عَلَى الْمَشْهُورِ جَوَازُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ لِشَخْصٍ نِصْفَ دِينَارٍ عَلَى عَمَلٍ فَعَمِلَهُ وَاسْتَحَقَّ الْجُعْلَ لَجَازَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْجَاعِلُ دِينَارًا وَيَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ دِينَارٍ فِضَّةً.

(الرَّابِعُ) قَالَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَصْلُحُ مَعَ الشَّرِكَةِ صَرْفٌ وَلَا قِرَاضٌ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا: قَالَ الْمَغْرِبِيُّ يَقُومُ مِنْ هُنَا أَنَّ السِّتَّةَ الَّتِي لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَمِثْلُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ انْتَهَى.

ص (أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ)

ش: سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ أَكْثَرَ أَوْ الصَّرْفُ أَكْثَرَ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ وَنِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْكُسُورِ وَدَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ بَقِيَّةَ الدِّينَارِ الْعَاشِرِ دَرَاهِمَ، وَالثَّانِي كَمَا لَوْ صَرَفَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ كُلَّ دِينَارٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَةً وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَيُعْطِيَهُ بِالْبَاقِي طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا.

[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ السِّلْعَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الصَّرْفِ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ فِي إبْقَاءِ كُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ عَلَى حُكْمِهِمَا حَالَ الِانْفِرَادِ فَأَوْجَبَ تَعْجِيلَ الصَّرْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>