الْفَرَاغِ مِنْ الْأَحْدَاثِ تَرَتُّبُهَا مِنْ بَابِ، أَوْلَى إذَا قَامَ بِهِ بَعْدَ طُولٍ وَقُلْنَا: إنَّ لَهُ الْقِيَامَ بِهِ، وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْقِيَامَ بِالضَّرَرِ بَعْدَ الْعِشْرِينَ سَنَةٍ حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا كَانَ سُكُوتُهُ عَنْ رِضًا، وَلَا تَسْلِيمٍ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْحَلِفِ بِالْقِيَامِ بِالْقُرْبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي أَثْنَاءِ نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ وَنَصُّهُ فَإِذَا قَامَ بِذَلِكَ بَعْدَ سَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ كَمَا ذَكَرْت فَلَا أَرَى ذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَيْ الضَّرَرَ الْمُحْدَثَ، وَلَا يُوجَبُ عَلَيْهِ بَعْدُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا كَانَ سُكُوتُهُ بِذَلِكَ رِضًا لِلْأَبَدِ، وَلَا تَسْلِيمًا ثُمَّ يُصْرَفُ عَنْهُ إذَا حَلَفَ إلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَانُ ذَلِكَ جِدًّا فَلَا أَرَى لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى، وَلَا تَبِعَةً انْتَهَى.
[فَرْعٌ أُحْدِثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي]
(فَرْعٌ) مَنْ أُحْدِثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي مَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَمْ لَا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ بَعْدَ أَنْ خَاصَمَ فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ وَإِلَّا فَلَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ انْتَهَى.
مِنْ بَهْرَامَ الْكَبِيرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ بِطَلْقَةٍ فَقَطْ بَائِنَةٍ إنْ لَمْ يَبِعْهُ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْجَلَّابِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَنْ بَاعَ دَارِهِ، وَقَدْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ جَارُهُ مَطْلَعًا، أَوْ مَجْرَى مَاءٍ، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الضَّرَرِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَقُمْ فِي ذَلِكَ حِينَ بَاعَهَا فَلَا قِيَامَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ قَدْ قَامَ يُخَاصِمُ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ الْحُكْمُ حَتَّى بَاعَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُومَ وَيَحِلَّ مَحَلَّهُ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ قَضَى بِهِ وَأَعْذَرَ وَبَقِيَ التَّسْجِيلُ وَالْإِشْهَادُ، وَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَدَافِعِ وَالْحُجَجِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، وَهَذَا أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: وَحَلَّ مُبْتَاعٌ مَحَلَّ بَائِعٍ خَاصَمَ وَبَاعَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا قَبْلَ قِيَامِهِ انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ أَيْ بِالْإِحْدَاثِ فَهُوَ رِضًا مِنْهُ، وَلَا كَلَامَ لِلْمُبْتَاعِ، وَلَا لَهُ وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ مَا فِي التَّوْضِيحِ ثُمَّ قَالَ قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْمُبْتَاعِ الْقِيَامَ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَقَالَ فِي مَسَائِلِ حَبِيبِ بْنِ نَصْرَانَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُبْتَاعِ ذَلِكَ فَهُوَ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ إنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلرَّدِّ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْقِيَامُ عَلَى مُحْدِثِ الضَّرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ الْبَائِعُ عَلَى الضَّرَرِ حَتَّى بَاعَ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَجَبَ لِلْبَائِعِ الْقِيَامُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَيَتَحَصَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ رِضًا بِتَرْكِ الْقِيَامِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِرِضًا وَأَنَّ لِلْمُبْتَاعِ الْقِيَامَ بِمَا كَانَ لِلْبَائِعِ الْقِيَامُ بِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرِضًا مِنْ الْبَائِعِ، وَلَا قِيَامَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ الْقِيَامُ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ تَرَكَ أَرْضًا بَرَاحًا فَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ ثُمَّ بَاعُوهَا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَقَامَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ بَاعَ حَظَّهُ مِنْ شَخْصٍ وَعَلَيْهِ فِي حَظِّهِ مَجْرَى مَاءٍ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَ مَنْ لَهُ مُرُورُ الْمَاءِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ أَوْ يَمُرَّ بِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِكٌ أَرَى أَنْ يَدْعُوَهُمْ الْقَاضِي بِأَصْلِ قَسْمِ مَا قَسَمُوا عَلَيْهِ فَإِنْ أَتَوْا بِهِ حَمَلَهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مَا هُمْ عَلَيْهِ أُقِرُّوا عَلَى ذَلِكَ وَمَا أَرَى شَيْئًا الْآنَ أَمْثَلَ مِنْ أَنْ يُقَرُّوا عَلَى حَالِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَسْمُهُمْ مَعْرُوفًا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ أَرَى أَنْ يَدْعُوَهُمْ الْقَاضِي بِأَصْلِ قَسْمِ مَا قَسَمُوا عَلَيْهِ فَإِنْ أَتَوْا بِهِ حَمَلَهُمْ عَلَيْهِ يُرِيدُ إنْ كَانَ فِي أَصْلِ مَا اقْتَسَمُوا عَلَيْهِ مُرُورُ الْمَاءِ عَلَى الْبَائِعِ لَزِمَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كَلَامٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَيَكُونُ عَيْبًا فِيمَا اشْتَرَى إنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ مَا اقْتَسَمُوا عَلَيْهِ أَنْ يَمُرَّ الْمَاءُ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ فَلَمْ يُرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُرُورُ الْمَاءِ عَلَى الْبَائِعِ فِي أَرْضِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً حِيَازَةً عَلَيْهِ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُحَازُ وَلَمْ يُجْعَلْ بَيْعُهُ لِلْأَرْضِ رِضًا مِنْهُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute