للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةُ مُخَالَفَةِ اللَّفْظِ النِّيَّةَ، مَا ذَكَرَهُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ، وَقَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَالْأَوَّلُ: أَقْيَسُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بِجِمَاعٍ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا شَرَحَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَلَى ذَلِكَ شَرَحَهُ الشُّرَّاحُ، وَجَمَعَ فِي الْكَبِيرِ بَيْنَ قَوْلِهِ: وَلَا دَمَ وَقَوْلِهِ: وَإِنْ بِجِمَاعٍ، وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَوْسَطِ، وَذَلِكَ يُوهِمُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِجِمَاعٍ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الشَّامِلِ، فَقَالَ: وَيَنْعَقِدُ بِنِيَّةٍ وَقَوْلٍ كَتَلْبِيَةٍ أَوْ فِعْلٍ كَتَوَجُّهٍ بِطَرِيقٍ، وَإِنْ بِجِمَاعٍ، وَلَا دَمَ وَتَمَادَى وَقَضَى فَقَوْلُهُ فِي الشَّامِلِ: لَا دَمَ إنْ أَرَادَ بِهِ نَفْيَ هَدْيِ الْفَسَادِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى إيقَاعِ الْإِحْرَامِ حَالَةَ الْجِمَاعِ فَلَا قَائِلَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ سَنَدٌ بِأَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ، وَهُوَ بِجِمَاعٍ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ فَاسِدًا، وَكَانَ عَلَيْهِ تَمَامُهُ وَقَضَاؤُهُ، وَلَازَمَ ذَلِكَ وُجُوبَ الْهَدْيِ، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ فِي الشَّامِلِ أَرَادَ نَفْيَ وُجُوبِ الدَّمِ لِكَوْنِهِ أَوْقَعَهُ حَالَةَ الْجِمَاعِ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) اعْتَرَضَ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ سَلَّمَ هَذَا الْفَرْعَ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ: لَا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ (قُلْتُ:) وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَسْلِيمٌ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ: يَنْعَقِدُ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ يُرِيدُ مَعَ قَوْلٍ كَالتَّلْبِيَةِ بِأَنْ يَنْوِيَ وَيُلَبِّيَ، وَهُوَ يُجَامِعُ أَوْ يَفْعَلُ كَأَنْ يَكُونَ فِي مِحَفَّةٍ، وَهُوَ سَائِرٌ مُتَوَجِّهٌ إلَى مَكَّةَ فَيَنْوِيَ الْإِحْرَامَ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ، وَإِذَا لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ بِانْعِقَادِ الْإِحْرَامِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِمَنْ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ مُتَطَهِّرًا فَأَحْرَى أَنْ لَا يَنْعَقِدَ لِمَنْ يُجَامِعُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا (الثَّانِي:) إنْ قِيلَ: لِمَ لَزِمَهُ فِي الْحَجِّ الْقَضَاءُ، وَفِي الصَّوْمِ إذَا طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، وَهُوَ يُجَامِعُ فَنَزَعَهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ قِيلَ:؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَجِّ أَدْخَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَعَدَمِهِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّزْعُ كَمَا فِي الصَّوْمِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) قَالَ فِي طُرَرِ التَّلْقِينِ: وَشَرْطُ صِحَّةِ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ أَنْ لَا يَنْوِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهِ وَطْئًا، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ مَعَ إحْرَامِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا شَيْءٌ انْتَهَى، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بَعْضًا أَوْ يَعْتَكِفَ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ]

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ: قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بَعْضًا أَوْ يَعْتَكِفَ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ أَوْ يَطُوفَ شَوْطًا أَوْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ فَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَأْتِي بِمِثْلِ تِلْكَ الطَّاعَةِ تَامَّةً وَالْمَشْهُورُ: اللُّزُومُ فِي الِاعْتِكَافِ انْتَهَى.

ص (مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ تَعَلَّقَا بِهِ) ش هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ: يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ بِالنِّيَّةِ حَالَ كَوْنِهَا مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَتَعَلَّقَانِ بِالْإِحْرَامِ، وَالْقَوْلُ الْمُتَعَلَّقُ بِهِ كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، قَالَ فِي مَنْسَكِ التَّادَلِيِّ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُحْرِزٍ قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ كَبَّرَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ سَبَّحَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْإِحْرَامَ كَانَ مُحْرِمًا، وَالْفِعْلُ الْمُتَعَلَّقُ بِهِ كَالتَّوَجُّهِ عَلَى الطَّرِيقِ وَالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ، وَهَذَا هُوَ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَصَاحِبُ الْمُعَلِّمِ وَصَاحِبُ الْقَبَسِ وَسَنَدٌ: النِّيَّةُ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ بِالنِّيَّةِ مَقْرُونًا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مُتَعَلَّقٍ بِهِ كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّوَجُّهِ لَا بِنَحْوِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ يُرِيدُ إذَا تُجُرِّدَ عَنْ النِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ مَعَهُمَا وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَنْ قَالَ، وَفِي عَدَمِ انْعِقَادِ النُّسُكِ بِمَجْمُوعِ النِّيَّةِ وَتَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَإِشْعَارِهِ نَظَرٌ، وَكَيْفَ يُقَالُ هَذَا، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ أَنَّهُ قَالَ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا قَلَّدَ وَأَشْعَرَ؟ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْإِحْرَامَ أَنَّهُ مُحْرِمٌ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: وَكَيْفَ يُقَالُ: هَذَا، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ لَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَانْظُرْ، مَا أَنْكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ: وَفِيهِ أَيْ: فِي الِانْعِقَادِ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ مَعَهَا أَيْ: مَعَ النِّيَّةِ قَوْلَا إسْمَاعِيلَ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَكْثَرُ عَنْهُ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>