للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْأَكْثَرَ نَقَلُوا عَنْ الْمَذْهَبِ عَدَمَ الِانْعِقَادِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بَيَّنَ أَوْ أَبْهَمَ)

ش: يُرِيدُ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ سَوَاءٌ بَيَّنَ النُّسُكَ الَّذِي يُحْرِمُ بِهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ أَبْهَمَهُ بِأَنْ نَوَى الْإِحْرَامَ فَقَطْ، وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا مُعَيَّنًا، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الِانْعِقَادِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَضِيلَةِ، فَقَالَ سَنَدٌ: وَالْأَفْضَلُ فِي الْإِحْرَامِ أَنْ يُعَيِّنَ نُسُكَهُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ انْتَهَى.

ص (وَصَرَفَهُ لِلْحَجِّ، وَالْقِيَاسُ: الْقِرَانُ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ وَأَبْهَمَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ النُّسُكَ الَّذِي يُحْرِمُ بِهِ، فَإِنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا وَيُخَيَّرُ فِي صَرْفِهِ إلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَصْرِفَهُ لِلْحَجِّ فَقَوْلُهُ: وَصَرَفَهُ لِلْحَجِّ، وَهُوَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِذَا أَحْرَمَ مُطْلَقًا جَازَ وَخُيِّرَ فِي التَّعْيِينِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إذَا أَحْرَمَ مُطْلَقًا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُفْرِدَ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقْرِنَ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَقِيلَ: الْقِيَاسُ: أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ: الْمَذْهَبُ بِلَا شَكٍّ، وَنَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْحَدِيثِ نَقَلَ عَنْ الْمَذْهَبِ خِلَافَهُ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَمَنْ نَوَى مُطْلَقَ الْإِحْرَامِ فَلِابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ أَشْهَبَ خُيِّرَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلِلصَّقِلِّيِّ وَاللَّخْمِيِّ عَنْهُ الِاسْتِحْسَانُ إفْرَادُهُ، وَالْقِيَاسُ قِرَانُهُ وَتَعَقَّبَهُ التُّونُسِيُّ بِأَنَّ لَازِمَ قَوْلِهِ: فِي الْقِرَانِ فَمُحْتَمَلٌ أَقَلُّهُ الْعُمْرَةُ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْعُمْرَةَ تُجْزِئُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ الْإِحْرَامَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ انْتَهَى.

يَعْنِي إذَا نَظَرَ الْإِحْرَامَ فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّف: صَرَفَهُ لِلْحَجِّ إنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْإِطْلَاقِ أَيْ: دُونَ تَعْيِينِ نُسُكٍ، قَالَ أَشْهَبُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْمَشْهُورُ: يَحْمِلُ عَلَى الْحَجِّ، وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ آفَاقِيًّا كَأَهْلِ الْمَغْرِبِ حَمَلَ عَلَى الْحَجِّ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدَ الْأَقْوَالِ وَيَعْمَلْ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : وَهَذَا إذَا أَحْرَمَ، فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ: إطْلَاقُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي التَّعْيِينِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ صَرْفُهُ إلَى الْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَإِنْشَاءِ الْحَجِّ حِينَئِذٍ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ إنَّمَا يَنْعَقِدُ عُمْرَةً، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ: إذَا أَحْرَمَ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ حَتَّى طَافَ فَالصَّوَابُ: أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا، وَيَقَعُ هَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا يَجْعَلُهُ عُمْرَةً؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَيْسَ بِرُكْنٍ فِي الْحَجِّ، وَطَوَافَ الْعُمْرَةِ رُكْنٌ فِيهَا، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الطَّوَافُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَلَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَقَعَ رُكْنًا فِي الْعُمْرَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَخَفَّ ذَلِكَ فِي الْقُدُومِ، وَيُؤَخِّرُ سَعْيَهُ إلَى إفَاضَتِهِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ لَوْ سَعَى، وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ بَعْدَ السَّعْيِ هَلْ يُعِيدُ السَّعْيَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِلذَّاكِرِينَ أَنَّهُ يُعِيدُ احْتِيَاطًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَذَكَرَ الْفَرْعَ الَّذِي قَالَهُ سَنَدٌ الْقَرَافِيُّ، وَلَمْ يَعْزُهُ لِسَنَدٍ وَسَقَطَ مِنْهُ، وَيُؤَخِّرُ سَعْيَهُ إلَى إفَاضَتِهِ وَعَزَا نَقْلَهُ لِلْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ وَيُؤَخِّرُ سَعْيَهُ إلَى إفَاضَتِهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ السَّعْيُ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْقُدُومَ، وَهَذَا الطَّوَافُ

<<  <  ج: ص:  >  >>