للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيَنْوِي الْحَجَّ يَعْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّعْيِ، وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ قَصْدِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِي حَجٍّ، فَهُوَ مُتَمَادٍ، وَإِنْ كَانَ فِي عُمْرَةٍ، فَالْمَطْلُوبُ إنَّمَا هُوَ تَصْحِيحُهَا، وَقَدْ حَصَلَ جَمِيعُ أَرْكَانِهَا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ نَدْبًا لِيُوفِيَ بِمَا نَوَاهُ إنْ كَانَ قَدْ نَوَاهُ، وَهُوَ التَّمَتُّعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَتَى بِأَحَدِ جُزْأَيْ التَّمَتُّعِ، وَهُوَ الْعُمْرَةُ، وَبَقِيَ الْجُزْءُ الْأُخَرُ، وَهُوَ الْحَجُّ؛ وَلِهَذَا لَمَّا فَرَضَ اللَّخْمِيُّ الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ شَكَّ، هَلْ أَفْرَدَ أَوْ اعْتَمَرَ لَمْ يَذْكُرْ إنْشَاءَ الْحَجِّ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالشَّكُّ فِي إفْرَادٍ وَقِرَانٍ قِرَانٌ، وَفِي حَجٍّ وَعُمْرَةٍ حَجٌّ، وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِ حَلْقِ الْعُمْرَةِ لَا الْقِرَانِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ نِيَّةً، فَإِنْ كَانَتْ نِيَّةً بِحَجٍّ، فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِعُمْرَةٍ، فَمَا زَادَ عَلَى فِعْلِهَا لَا يُصَيِّرُهُ قَارِنًا ثُمَّ اُعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ: وَيَنْوِي الْحَجَّ بِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ قُلْتُ: فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ الْحَجَّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ الْأَوَّلُ إنَّمَا هُوَ بِعُمْرَةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ كَافٍ فِي خُلُوصِهِ مِنْ عُمْرَةِ الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَحُجَّ الْفَرْضَ، فَلَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَجَّ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ثَوَابُ الْحَجِّ التَّطَوُّعِ، الصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يَنْوِي الْحَجَّ، وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ يَنْوِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّعْيِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَلْ يَنْوِيهِ حِينَ وَقَعَ لَهُ الشَّكُّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّوَافِ كَانَ مُرْدِفًا لِلْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ إنْ كَانَ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ عُمْرَةً، وَإِنْ كَانَ حَجًّا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّعْيِ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ عُمْرَةً، وَإِنْ كَانَ حَجًّا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ وَقَعَ لَهُ الشَّكُّ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ، فَلْيَصْبِرْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ سَعْيِهِ ثُمَّ يَنْوِيَ الْحَجَّ لِلْخِلَافِ الَّذِي فِي الْإِرْدَافِ إذَا وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ نَوَاهُ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ صَحَّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ نَوَاهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ لَمْ يَصِحَّ وَيُعِيدُ النِّيَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمُتَقَدِّمِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ، أَمَّا كَوْنُهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا مِنْ الْحَجِّ فَقَطْ، فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ صَرَّحَ فِي الشَّامِلِ بِنَفْيِهَا، فَقَالَ: وَلَوْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ نَوَى الْحَجَّ وَتَمَادَى قَارِنًا، فَطَافَ وَسَعَى وَأَهْدَى ثُمَّ اعْتَمَرَ، كَمَا لَوْ شَكَّ أَفْرَدَ أَوْ تَمَتَّعَ؟ وَلَا عُمْرَةَ، وَلَكِنْ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي مُوجِبِ الْعُمْرَةِ، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَوْلُهُ: كَشَكِّهِ أَفْرَدَ أَوْ تَمَتَّعَ لَيْسَ بِمِثَالٍ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ الَّذِي قَبْلَهُ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ بِعُمْرَةٍ، وَلَا بِقِرَانٍ وَشَكَّ، هَلْ أَحْرَمَ بِالْإِفْرَادِ أَوْ بِالتَّمَتُّعِ؟ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) نَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ سَهْوٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ هُوَ التَّمَتُّعُ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ السَّابِقِ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ شَكَّ هَلْ أَفْرَدَ أَوْ قَرَنَ]

(فَرْعٌ) ، فَإِنْ شَكَّ، هَلْ أَفْرَدَ أَوْ قَرَنَ؟ تَمَادَى عَلَى نِيَّةِ الْقِرَانِ وَحْدَهُ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ، هَلْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَمْضِي عَلَى الْقِرَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَأَلْغَى عُمْرَةٌ عَلَيْهِ كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ)

ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهُ بِعُمْرَةٍ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ لَغْوٌ، وَكَذَا إذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أُخْرَى أَوْ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِنَّ الْحَجَّةَ الثَّانِيَةَ، وَالْعُمْرَةَ الثَّانِيَةَ لَغْوٌ يُرِيدُ وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً، فَإِنْ أَرْدَفَ ذَلِكَ أَوَّلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ بِعَرَفَةَ أَوْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَدْ أَسَاءَ وَلْيَتَمَادَ عَلَى حَجِّهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيمَا أَرْدَفَهُ، وَلَا قَضَاؤُهُ، وَلَا دَمُ قِرَانٍ انْتَهَى.

، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ بِعُمْرَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعُمْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ: وَعُمْرَةٌ فَاعِلُ أَلْغَى؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ.

ص (وَرَفَضَهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ رَفْضَ الْإِحْرَامِ لَغْوٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>