للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطْلَقِ وَتَعْيِينِ أَحَدِ مَحَامِلِ الْمُشْتَرَكِ ابْنُ رَاشِدٍ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ: أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَيَقُولَ: أَرَدْت فُلَانًا. وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ: عَائِشَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَائِشَةُ، انْتَهَى. وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُسَاوَاةِ مَا إذَا قَالَ: حِكْمَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَأَمَةٌ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا حِكْمَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ اللَّفْظُ ظَاهِرَ النِّيَّةِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ، كَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي شَامِلِهِ مِنْ فُرُوعِ الْمُسَاوَاةِ بِهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي، وَقَالَ: إنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا لَا فِي الْقَضَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلْنَرْجِعْ إلَى بَقِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَظَهَرَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ أَيْ، فَإِذَا كَانَتْ مُخَصِّصَةً وَمُقَيِّدَةً قُبِلَتْ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ إطْلَاقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَتَى بِقَوْلِهِ: كَكَوْنِهَا مَعَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ التَّخْصِيصَ إنَّمَا هُوَ إذَا تَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ كَمَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: لَا إرَادَةِ مَيِّتَةٍ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ الْبَعِيدِ جِدًّا، وَبَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْفُتْيَا دُونَ الْقَضَاءِ، وَهُوَ مَا خَالَفَتْ النِّيَّةُ فِيهَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ، وَمِنْهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَهُوَ مَا إذَا تَسَاوَيَا، وَمِنْهَا مَا لَا يُقْبَلُ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ وَيُرِيدُ الْمَيِّتَةَ، انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ عَلِيَّ فِيهِ يَمِينٌ وَهُوَ كَاذِبٌ]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مِنْ النَّوَادِرِ: وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: عَلَيَّ فِيهِ يَمِينٌ، وَهُوَ كَاذِبٌ وَإِنَّمَا هُوَ اعْتِذَارٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ قَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَإِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ دِينَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ أَيْ إنَّمَا أَقُولُ ذَلِكَ مُعْتَذِرًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ وَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ خَرَجَتْ، فَقَالَ لَهَا لَمْ خَرَجْت، وَقَدْ كُنْتُ حَلَفْت بِطَلَاقِكِ إنْ خَرَجْت، ثُمَّ قَالَ مَا حَلَفْت وَمَا قُلْت مَا قُلْت إلَّا تَغْلِيظًا عَلَيْهَا قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا، وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، انْتَهَى. وَفِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ، وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُسْأَلُ عَنْ الْأَمْرِ فَيَقُولُ: فَفِيهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ أَوْ مَشْيٌ، وَهُوَ كَاذِبٌ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَهُ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ يَعْنِي إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ كَمَا قَالَ إنَّ مَا لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى أَمَانَتِهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً لِمَنْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ]

ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْمُقْتَضَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُقْتَضَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبِسَاطُ فَقَالَ:

ص (ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ)

ش: يَعْنِي: فَإِنْ فُقِدَتْ النِّيَّةُ وَلَمْ يَضْبِطْهَا الْحَالِفُ وَكَانَتْ الْيَمِينُ مِمَّا يَنْوِي فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْبِسَاطِ، وَهُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ وَلَيْسَ بِانْتِقَالٍ عَنْ النِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ لَمَّا كَانَ مَظِنَّةَ النِّيَّةِ عَدَلَ إلَيْهِ تَحْوِيمًا عَلَى النِّيَّةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْبِسَاطِ عَلَى غَيْرِهِ.

(فَرْعٌ) وَلِأَجْلِ تَقْدِيمِ الْبِسَاطِ قُلْنَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً لِمَنْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَوْ بِخَيْطٍ يَخِيطُ بِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ مَنَّ عَلَيْهِ بِهِبَةِ شَاةٍ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنَهَا وَلَا لَحْمَهَا حَنِثَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا أَكْلًا أَوْ لِبَاسًا بِخِلَافِ غَيْرِ ثَمَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ، انْتَهَى.

ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الثَّانِي تَكَلَّمَ عَلَى الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ فَقَالَ:

ص

<<  <  ج: ص:  >  >>