للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْتُرِضَ عَلَى مَنْ حَكَى عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعَ، وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ عَلَى مَا إذَا غَابَ الْمُؤَكِّلُ قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ قَالَ فِي الْكَبِيرِ: وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَبَضَ قَبْلَ قِيَامِ الْمُوَكِّلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ اهـ. وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا، وَقَوْلُهُ فِي الشَّامِلِ: أَوْ بِتَوْكِيلٍ فِي قَبْضٍ وَإِنْ حَضَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ.

(فَرْعٌ) وَعَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا إذَا وَكَّلَ فِي الْعَقْدِ وَتَوَلَّى الْقَبْضَ، وَقَدْ نُصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْفَرْعَيْنِ قَالَ: وَإِنْ وَكَّلْتَ رَجُلًا يَصْرِفُ لَكَ دِينَارًا فَلَمَّا صَرَفَهُ أَتَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ فَأَمَرَكَ بِالْقَبْضِ وَقَامَ وَذَهَبَ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَصْرِفَ، ثُمَّ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ، وَلَكِنْ يُوَكِّلُ مَنْ يَصْرِفُ لَهُ وَيَقْبِضُ لَهُ اهـ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: " ذَهَبَ " أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ

[فَرْعٌ دِينَارٌ مُشْتَرَك بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَصَرَفَاهُ مَعًا ثُمَّ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْقَبْضِ وَذَهَبَ]

(فَرْعٌ) إذَا كَانَ دِينَارٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَصَرَفَاهُ مَعًا، ثُمَّ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْقَبْضِ، وَذَهَبَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ بِحَضْرَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَهُوَ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ مَا فِي هَذَا الرَّسْمِ، وَرَسْمِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغ، وَنَصُّ مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، فَتَحْصُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا، فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ ذَهَابِهِ اهـ. بِالْمَعْنَى، وَفَهِمَ صَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ فَرْعَيْنِ فَقَالَ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْوَكَالَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

[فَرْعٌ لَوْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ الْعَقْدَ وَعَقَدَا جَمِيعًا الصَّرْفَ]

: (فَرْعٌ) لَوْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ، وَالْوَكِيلُ الْعَقْدَ وَعَقَدَا جَمِيعًا الصَّرْفَ جَازَ أَنْ يَذْهَبَ الْمُوَكِّلُ، وَيَأْمُرَ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا إلَّا أَنَّهُ حَضَرَ الْعَقْدَ وَتَكَلَّمَ فِيهِ وَرَاوَضَ الصَّرَّافَ لَجَازَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا دَرَاهِمُ صَرَفَاهَا بِدِينَارٍ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ تِبْرٍ صَرَفَاهُ بِنُقْرَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِقَبْضِهِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَتَأَمَّلْهُ.

[فَرْعٌ الْحَوَالَةُ فِي الصَّرْفِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ: لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ فِي الصَّرْفِ وَإِنْ قَبَضَ الْمُحَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَكَانَهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الَّذِي أَحَالَهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي إجَازَةِ ذَلِكَ إذَا قَبَضَ الْمُحَالُ مَا أُحِيلَ بِهِ مَكَانَهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الَّذِي أَحَالَهُ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ حَمَالَةٌ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ: وَلَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ حَمَالَةٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِمَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَالصَّرْفُ لَا يَكُونُ إلَّا نَاجِزًا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْحَمَالَةُ بِالدَّنَانِيرِ إنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ إنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّنَانِيرُ فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ.

[فَرْعٌ الْخِيَارِ فِي الصَّرْفِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ: وَلَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ خِيَارٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ، وَالصَّرْفُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ فِيهِ النَّقْدُ، فَالصَّرْفُ عَلَى الْخِيَارِ فَاسِدٌ كَانَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُمَا جَمِيعًا فَتَمَّمَاهُ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَتَنَاجَزَا بِحَضْرَةٍ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى إمْضَائِهِ لَمْ يُفْسَخْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا، لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبِلَ إمْضَاءَهُ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً يَوْمَ أَمْضَيَاهُ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فُسِخَ مَتَى مَا عُثِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَالَ لِلُزُومِ بَيْعِ الْخِيَارِ لِلَّذِي لَمْ يَشْتَرِطْ مِنْهُمَا اهـ. وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، بَلْ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ: لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ الِاتِّفَاقَ، وَنَصُّهُ: " قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ غَيْرِهِ الْخِلَافَ وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ قَوْلَيْنِ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمَشْهُورُ الْمَنْعُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْجَوَازُ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ فَفِي فَسَادِ الصَّرْفِ بِهِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ تَأْخِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>