للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاضِرِ الْبَلَدِ عَلَى الصِّفَةِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ مَنْعَهُ، وَاخْتَارَهُ فَجَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَشْهَرَ ابْنُ شَاسٍ، وَحَمَلَ الْأَصْحَابُ قَوْلَهَا عَلَى مَا فِي رُؤْيَتِهِ مَشَقَّةٌ ابْنُ عَرَفَةَ فَيَكُونُ ثَالِثًا عَلَى عَدِّ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ قَوْلًا، وَعَلَى الْمَنْعِ الْمَعْرُوفِ جَوَازُ بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ اللَّخْمِيُّ رَوَى ابْنُ شَعْبَانَ مَنْعَهُ الْمَازِرِيُّ لِيُسْرِ إحْضَارِهِ انْتَهَى بِلَفْظِهِ إلَّا قَلِيلًا.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مَا ذُكِرَ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ هُوَ مَذْهَبُ الْمَوَّازِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ فَقَدْ أَجَازَ فِيهَا بَيْعَ مَا فِي صُنْدُوقٍ عَلَى الصِّفَةِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْجَوَازُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ، وَذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ أَنَّ الْأَصْحَابَ تَأَوَّلُوا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ تَجْوِيزِ الْعَقْدِ بِالسَّوْقِ عَلَى سِلْعَةٍ فِي الْبَيْتِ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي رُؤْيَتِهَا مَشَقَّةٌ، وَكُلْفَةٌ انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَا كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَبَيْنَ مَا كَانَ غَائِبًا عَنْهُمَا، وَهُوَ بِالْبَلَدِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَاهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى صِفَةٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ الْمَشْهُورِ إلَّا إذَا كَانَ فِي رُؤْيَتِهِ عُسْرٌ أَوْ فَسَادٌ كَمَا تَأَوَّلَ الْأَشْيَاخُ مَسْأَلَةَ الصُّنْدُوقِ، وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ جِرَارِ الْخَلِّ الْمُطَيَّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ خَوْفَ فَسَادِهَا إذَا فُتِحَتْ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَيْعِ ثِيَابٍ مَطْوِيَّةٍ فَهِيَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْغَرَرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَظَاهِرُهَا جَوَازُ بَيْعِ حَاضِرِ الْمَجْلِسِ عَلَى الصِّفَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْمَفْهُومُ لَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي السُّؤَالِ أَوْ يُقَالَ: قَوْلُهُ لَمْ يَنْشُرْهَا يَعْنِي الْحَاضِرَةَ، وَقَوْلُهُ وَلَا وُصِفَتْ لَهُ يَعْنِي الْغَائِبَةَ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَائِبًا مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَهُوَ حَاضِرُ الْبَلَدِ فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَحَمَلَا عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ الْجَوَازُ، وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي رُؤْيَتِهِ مَشَقَّةٌ، وَأَمَّا الْغَائِبُ عَنْ الْبَلَدِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْيَوْمِ فَهُوَ فِي حُكْمِ حَاضِرِ الْبَلَدِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : فُهِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ أَيْضًا فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ وَأَمَّا إذَا بِيعَ بِالْخِيَارِ فَلَا، وَفِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: وَغَائِبٌ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ وَهِيَ قَوْلُهَا، وَإِذَا اشْتَرَيْت سِلْعَةً ثُمَّ وَلَّيْتَهَا رَجُلًا، وَلَمْ تُسَمِّهَا، وَلَا ثَمَنَهَا إلَى آخِرِهَا إشَارَةً إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) : مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِ السَّاجِ الْمُدَرَّجِ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَتْحِهِ فَسَادٌ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ كَمَا فِي بَيْعِ الْبَرْنَامِجِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ: وَفِي جَوَازِ بَيْعِ السَّاجِ الْمُدَرَّجِ فِي جِرَابِهِ عَلَى الصِّفَةِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْأُولَى: عَلَى صِفَتِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَنْشُرَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ لَا مَضَرَّةَ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ جِرَابِهِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ عَلَى الصِّفَةِ، وَإِلَّا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْبَرْنَامَجِ، وَجَعَلَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْخِلَافَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُغَيِّرُهُ تَرْدَادُ نَشْرِهِ عَلَى السَّوَامِ وَتَقْلِيبُهُمْ إيَّاهُ قَالَ: وَأَمَّا الثَّوْبُ الَّذِي لَيْسَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ قُلْت: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ التَّغَيُّرَ الْخَفِيفَ وَأَمَّا مَا كَانَ نَشْرُهُ يَنْقُضُهُ كَثِيرًا كَالْبَيَارِمِ، وَنَحْوِهَا فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ كَالْبَرْنَامَجِ (الثَّالِثُ) : الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ أَوْ مَجْلِسِ التَّعَاقُدِ عَلَى تِلْكَ الرُّؤْيَةِ إذَا لَمْ يَمْضِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَتَغَيَّرَ بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْهُ.

[تَنْبِيه النَّقْدُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ]

ص (وَالنَّقْدُ فِيهِ)

ش: أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ مُحْرِزٍ (تَنْبِيهٌ) : وَهَذَا فِيمَا إذَا بِيعَ الْغَائِبُ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ عَلَى الرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِاللُّزُومِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>