للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوَاجِدِ الْكِسَاءِ عِيَاضٌ اخْتَلَفَ تَأْوِيلُ الشُّيُوخِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقِيلَ إنَّ الثَّانِيَةَ بِخِلَافِ الْأُولَى وَإِنَّهُ ضَمِنَهُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا وَالثَّانِيَةُ لَمْ يَأْخُذْهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ فَالْقُرْبُ وَالْبَعْدُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَحَكَى ذَلِكَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَتَأَوَّلَ آخَرُونَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا رَدَّهَا بِالْقُرْبِ يَعْنِي إذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ وَإِلَيْهِ نَحَا اللَّخْمِيُّ فَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَخَذَ لُقَطَةَ الْمَسْأَلَةُ، وَقَوْلُهُ فَأَمَّا إنْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا مَكَانَهُ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ فَذَهَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَهَا فِي الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَرُدَّهَا بِالْقُرْبِ لِقَوْلِهَا فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا وَلَمْ يَضْمَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ وَهَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَهُ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَأْخُذْهَا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِ الْعَامِّ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ الشَّيْخُ. وَهَلْ تُوجِبُ النِّيَّةُ بِمُجَرَّدِهَا شَيْئًا أَمْ لَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» فَمَنْ نَوَى قُرْبَةٌ فَلَا تَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَارِنَهَا قَوْلٌ كَالنَّذْرِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ ثُمَّ هَذَا الْعَمَلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ كَصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ فَهَذَا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَجَزَّأُ كَالْجِوَارِ وَقِرَاءَةِ أَحْزَابٍ أَوْ نَوَى إطَالَةَ الْقِيَامِ فِي الرُّكُوعِ بَدَا لَهُ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ لَزِمَ وَمَا لَمْ يَأْتِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَالتَّعْرِيفُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ فَلَيْسَ فِيمَا يَأْتِي إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَانْظُرْ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ، أَيْ: وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الرَّجُلُ إذَا نَوَى لَمَّا وَجَدَ اللُّقَطَةَ أَنْ يَأْخُذَهَا تَمَلُّكًا وَكَانَتْ هَذِهِ النِّيَّةُ قَبْلَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ كَالْغَاصِبِ، انْتَهَى. وَإِنْ (قُلْتُ) حَمَلْت اللَّفْظَ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ (قُلْتُ) بَلْ يُحْمَلُ وَغَايَةُ مَا يُورَدُ أَنِّي غَيَّرْت الْأَخْذَ حَتَّى يَصِحَّ الْمَعْنَى الْمَنْصُوصَ وَقَدَّرْت مُضَافًا مَحْذُوفًا بَعْدَ قَبْلُ، أَيْ: قَبْلَ قَبْضِهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ وَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَوَّلًا لَا يَصِحُّ مَعْنًى وَلَا نَقْلًا، انْتَهَى. فَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ بَهْرَامُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي قَوْلِهِ وَظَاهِرِهِ إلَى آخِرِهِ وَاحْتِجَاجَهُ بِكَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَسَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اتِّفَاقًا فَيَبْقَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْبِسَاطِيُّ فَأَوَّلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الضَّمَانَ إذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَهِيَ أَمَانَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ اخْتِزَالَهَا فَتَصِيرُ كَالْمَغْصُوبِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّوْضِيحِ: هُوَ ظَاهِرٌ تَصَوُّرًا وَتَصْدِيقًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ بِيَدِ مُلْتَقَطِهَا عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الشَّرْعِ وَإِنْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا مَا لَمْ يَنْوِ اغْتِيَالًا وَغَصْبًا فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ ضَمِنَهَا كَمَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ وَهَذَا بَيِّنٌ إذَا كَانَتْ هَذِهِ نِيَّتُهُ حِينَ الْتَقَطَهَا وَإِنْ حَدَثَتْ لَهُ هَذِهِ النِّيَّةُ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ جَرَى ذَلِكَ عَلَى تَبَدُّلِ النِّيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: (قُلْتُ) يُرَدُّ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِلَغْوِ أَثَرِ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ كَمَا كَانَتْ لَا مَعَ تَغَيُّرِ بَقَائِهَا عَمَّا كَانَتْ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِتَأْثِيرِ النِّيَّةِ، وَيَدُ الْمُلْتَقِطِ السَّابِقَةُ عَنْ نِيَّةِ الِاغْتِيَالِ كَانَتْ مَقْرُونَةً بِالتَّعْرِيفِ أَوْ الْعَزْمِ عَلَيْهِ وَهِيَ بَعْدَهَا مَقْرُونَةٌ بِنَقِيضِ ذَلِكَ فَصَارَ ذَلِكَ كَالْفِعْلِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ اتِّفَاقًا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ (قُلْتُ) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ لِحَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْغَصْبِ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ هُوَ صَرِيحٌ فِي عِبَارَةِ الشَّامِلِ وَنَصُّهُ وَلَوْ نَوَى أَكْلَهُ قَبْلَ الْعَامِ ضَمِنَهُ إنْ تَلِفَ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ عَلَى مَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ

[فَرْعٌ مُلْتَقِطُ اللُّقَطَةِ هَلْ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا مُلْتَقِطُ اللُّقَطَةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ نَوَى ذَلِكَ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فَفِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، الْمَجْمُوعَةُ. وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ ضَمِنَهُ بِلَا خِلَافٍ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>