للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ حَلَفَ بِالصَّدَقَةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَجَابَ يُؤَدِّي دَيْنَهُ وَمَهْرَ امْرَأَتِهِ، وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ تَصَدَّقَ بِثُلُثِهِ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قُلْتُ: هَذَا فِي الْحُقُوقِ الْمُعَيَّنَةِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرَقَ الذِّمَّةِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَفِيهِ خِلَافٌ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الثُّلُثِ فَتَارَةً لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، وَتَارَةً يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَمَنْ جَعَلَ مَالَهُ هَدْيًا أَوْ صَدَقَةً أَجْزَأَهُ ثُلُثُهُ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ إنْ جَعَلَهُ لِمَسَاكِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ، وَإِنْ جَعَلَهُ لِمُعَيَّنِينَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ، وَإِنْ جَعَلَهُ لِمَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قِيلَ: يُقْضَى عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِ انْتَهَى.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ الْهِبَةِ: وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ، وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي بَابِ الْعِتْقِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ، انْتَهَى. .

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ: وَمَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ، أَوْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ بَتْلًا فَلْيُقْضَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الرَّجُلُ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى صَدَقَةٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَآمُرْهُ بِإِخْرَاجِ صَدَقَةِ ثُلُثٍ مِنْ عَيْنٍ وَعَرْضٍ وَدَيْنٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرَتِهِ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُونَ فَيُخْرِجُ ثُلُثَهُ قِيمَةَ كِتَابَتِهِمْ، فَإِنْ رَقُّوا يَوْمًا مَا نُظِرَ إلَى قِيمَةِ رِقَابِهِمْ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِمْ يَوْمَ أَخْرَجَ ذَلِكَ فَلْيُخْرِجْ ثُلُثَ الْفَضْلِ، قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ ثُلُثَ مَالِهِ حَتَّى ضَاعَ مَالُهُ كُلُّهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ فَلَمْ يُخْرِجْ ثُلُثَهُ حَتَّى تَلِفَ جُلُّ مَالِهِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا إخْرَاجُ ثُلُثِ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ، انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الدَّارِ وَحَيْثُ قَالُوا: يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ، لَيْسَ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ أَثِمَ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِخْرَاجِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ جَعْلِ مَالِهِ صَدَقَةً مِنْ إخْرَاجِ ثُلُثِهِ إنْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ أُجْبِرَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي جَبْرِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ طَلَبَ مُعَيَّنٍ وَيَلْزَمُهُ فِي الزَّكَاةِ.

(قُلْتُ) لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ وَهُوَ الْإِمَامُ، انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةَ عَنْ كِتَابِ الْهِبَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي بَعْدَهَا مَعَ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي مَسْأَلَةِ الْبَاجِيِّ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْبَاجِيِّ حَيْثُ لَمْ يَعْزُ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْجَبْرِ لِلْمُدَوِّنَةِ، وَإِنَّمَا عَزَاهُ لِأَشْهَبَ، بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ مُوَافِقٌ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَقَدْ قَالَ سَنَدٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ: إنَّ عَادَتَهُ إذَا رَوَى مَا لَا يَرْتَضِيهِ أَنْ يُبَيِّنَ مُخَالَفَتَهُ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ مَا يُخْرِجُ ثُلُثَهُ وَمَا لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ.

[فُرُوعٌ نَذَرَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَكَانَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَالِهِ]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَالِهِ، قَالَ: وَيُتْرَكُ لَهُ كَمَا يُتْرَكُ لِمَنْ فَلَّسَ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ الْأَيَّامَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَالشَّهْرِ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ وَعَنْ صَاحِبِ النُّكَتِ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا نَذَرَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَكَانَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَالِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَا يَفِيدُهُ أَوْ يَكْسِبُهُ أَبَدًا فَحَنِثَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا إنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يَفِيدُهُ أَبَدًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يَفِيدُهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَاخْتُلِفَ إذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَا يَفِيدُهُ أَوْ يَكْتَسِبُهُ إلَى مُدَّةٍ مَا أَوْ فِي بَلْدَةٍ مَا فَحَنِثَ، عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَا يَفِيدُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ، انْتَهَى.

[قَالَ لِرَجُلٍ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْتَ كَذَا فَحَنِثَ]

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>