للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَرْعٌ ذَكَرَ صَلَاةً بَقِيَتْ عَلَيْهِ]

فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ: مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً بَقِيَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَلْيَبْدَأْ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي سِعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا قَالَ ابْنُ نَاجِي قَالَ: أَبُو إبْرَاهِيمَ: يُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّ قَضَاءَ الْمَنْسِيَّةِ عَلَى الْفَوْرِ، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ: إنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ، وَلَا قِيَامَ رَمَضَانَ إلَّا وَتْرَ لَيْلَتِهِ وَفَجْرَ يَوْمِهِ (قُلْت) ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ، وَلَا يَنْحَسُ نَفْسَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ مَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَدْخَلِ فِي آدَابِ طَالِبِ الْعِلْمِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشُدَّ يَدَهُ عَلَى مُدَاوَمَتِهِ عَلَى فِعْلِ السُّنَنِ وَالرَّوَاتِبِ وَمَا كَانَ مِنْهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَإِظْهَارُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ كَمَا كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَفْعَلُ عَدَا مَوْضِعَيْنِ كَانَ لَا يَفْعَلُهُمَا إلَّا فِي بَيْتِهِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ أَمَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِأَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ صِحَّةَ الْجُمُعَةِ إلَّا خَلْفَ إمَامٍ مَعْصُومٍ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَشَفَقَةً عَلَى الْأَهْلِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ صَائِمًا فَيَنْتَظِرُهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ لِلْعِشَاءِ وَيَتَشَوَّفُونَ إلَى مَجِيئِهِ فَلَا يُطَوِّلُ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.

وَقَالَهُ أَيْضًا فِي آدَابِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ: وَانْظُرْ الْأَبِيَّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ وَتَأَكَّدَ بَعْدَ مَغْرِبٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ «يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ» وَلِحَدِيثِ مُسْلِمٍ الْآتِي، وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ «مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عَدَلْنَ لَهُ عِبَادَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً» وَقَوْلُهُ: كَظُهْرٍ، وَقَبْلَهُ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَأَحْمَدَ «مَنْ يُحَافِظْ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَقَوْلُهُ كَعَصْرٍ لِحَدِيثِهِمْ إلَّا النَّسَائِيَّ «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا» قَالَ الْعُلَمَاءُ وَدُعَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقْبُولٌ وَعَزَا الْفَاكِهَانِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْمُوَطَّإِ وَمُسْلِمٍ فَانْظُرْهُ وَالْعَزْوُ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلِحَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ «مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ حَرَّمَ اللَّهُ بَدَنَهُ عَلَى النَّارِ» وَيَدُلُّ لِلْجَمِيعِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» زَادَ التِّرْمِذِيُّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَرَوَاهُ بِالزِّيَادَةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ إلَّا أَنَّهُمْ زَادُوا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ لَمْ يَذْكُرُوا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَالضُّحَى)

ش: لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالضُّحَى مَقْصُورٌ (فَائِدَةٌ) شَاعَ عِنْدَ الْعَوَامّ أَنَّ مَنْ صَلَّى الضُّحَى يَلْزَمُهُ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ إنْ تَرَكَهَا عَمِيَ أَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ سَائِرِ النَّوَافِلِ تُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا، وَمَنْ تَرَكَهَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَلَا حَرَجَ، وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ: لَا يَدْعُهَا وَيَدْعُهَا حَتَّى نَقُولَ: لَا يُصَلِّيهَا» قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ انْتَهَى.

وَخَرَّجَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَافَظَ عَلَى شَفْعَةِ الضُّحَى غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَكْثَرُ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ: وَصَلَاةُ الضُّحَى، وَهِيَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهَا مِنْ اثْنَتَيْنِ إلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ انْتَهَى.

، وَقَدْ وَرَدَ فِيهَا أَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ (تَنْبِيهٌ) رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إنْكَارُ صَلَاةِ الضُّحَى قَالَ فِي الْإِكْمَالِ وَالْأَشْبَهُ: الْجَمْعُ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا أَنْكَرَتْ صَلَاةَ النَّاسِ الْمَعْهُودَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ السَّلَفِ مِنْ صَلَاتِهَا ثَمَانِي رَكَعَاتٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا كَمَا قَالَتْ ثُمَّ يَزِيدُ مَا شَاءَ، وَعَلَى هَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي عَدَدِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>