للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا الطَّلَاقَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَتْ اهـ. فَانْظُرْ هَذَا كُلَّهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ إذَا تَعَذَّرَتْ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ طَارِئَةً وَأَنَّ سَفَرَهَا بَعْدَ زَوْجِهَا حِينَ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً لَا يَكُونُ نُشُوزًا، وَأَمَّا لَوْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكَانَ نُشُوزًا، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ وَكَانَ صَالِحَ الْحَالِ مَعَهَا فَامْتَنَعَتْ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ نُشُوزًا، قَالَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي كَلَامِهِ عَلَى النَّفَقَةِ وَغَيْرُهُ وَانْظُرْ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي وَالْجُزُولِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ، وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا أَوْ يُدْعَى إلَى الدُّخُولِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ النِّكَاحِ فِي تَعَدُّدِ الْأَوْلِيَاءِ فَحَاكِمٌ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ الْمَرْأَةِ يَغِيبُ عَنْهَا زَوْجُهَا فَتُثْبِتُ عِنْدَ الْعُدُولِ مَا تُثْبِتُ عِنْدَ الْقَاضِي]

(فَرْعٌ) فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ؛ فَإِنَّهَا تَرْفَعُ لِلْعُدُولِ، قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصُّلْحِ فِي خُرُوجِ أَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ لِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ لَهُمَا وَأُعْذِرَ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَكْفِي الْإِشْهَادُ مَا نَصَّهُ جَعَلَ هُنَا جَمَاعَةَ الْعُدُولِ تَقُومُ مَقَامَ السُّلْطَانِ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ سُلْطَانٌ، وَمِثْلُهُ فِي أَوَاخِرِ النُّذُورِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِينَ إلَى أَجَلِ كَذَا، وَمِثْلُهُ فِي الرَّوَاحِلِ فِي هُرُوبِ الْجِمَالِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ مُغِيثٍ فِي الْمَرْأَةِ يَغِيبُ عَنْهَا زَوْجُهَا أَنَّهَا تُثْبِتُ عِنْدَ الْعُدُولِ مَا تُثْبِتُ عِنْدَ الْقَاضِي فَتُطَلِّقُ نَفْسَهَا، وَذَكَرَ أَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ مُغِيثٍ تَعَذُّرَ تَنَاوُلِ السُّلْطَانِ الْمَشَذَّالِيِّ هَكَذَا وَقَعَ هَذَا كَمَا رَأَيْت، وَاَلَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ إنْ قَالَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُغِيثٍ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو عِمْرَانَ مِنْ أَنَّ جَمَاعَةَ الْعُدُولِ تَقُومُ مَقَامَ الْإِمَامِ فِي الْمُحَارِبِ وَفِي الْقِصَاصِ إنَّمَا ذَلِكَ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ تَنَاوُلُ السُّلْطَانِ الْمَشَذَّالِيِّ، وَهُوَ كَلَامٌ وَاضِحٌ يُوَضِّحُ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ، انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فَسْخُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اُنْظُرْ شَرْحَ ابْنِ جَمَاعَةَ وَكَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ وَنَصُّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بَعَثَ لِسَيِّدِهِ بِكِتَابَتِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا لَا يَخْرُجُ مِنْ الرِّقِّ حَتَّى يَقْضِيَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِبَلَدٍ لَا حُكْمَ فِيهِ فَلْيَشْهَدْ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْحُكْمِ الشَّيْخُ.

اُنْظُرْ جَعْلَ أَبِي عِمْرَانَ هَذَا الْإِشْهَادَ مَقَامَ الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُحَارِبِ وَكَذَلِكَ فِي الدِّيَاتِ، وَإِذَا تَرَكَ بِنْتًا وَعَصَبَةً فَاخْتَلَفَا، وَلَا إمَامَ، وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ الْحَمَّالَةِ أَنَّ جَمَاعَةَ الْعُدُولِ تَقُومُ مَقَامَ الْإِمَامِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَثْنَاءِ مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ: سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَمَّنْ غَابَ إلَى مِصْرٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ لَمْ يَخْلُفْ لَهَا نَفَقَةً إلَّا مَا لَا يَفِي بِصَدَاقِهَا وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ أَمِيرٌ مِنْ قِبَلِهِ فَحَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِيهِ، وَلَا يَنْظُرُ فِي طَلَاقٍ، وَرُبَّمَا كَانَ بَيْنَ الْبَلَدِ وَالْأَمِيرِ نَحْوُ ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ وَالْخَوْفُ بَيْنَهُمْ عَامٌّ، وَرُبَّمَا انْجَلَى الْخَوْفُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَهَلْ تَقُومُ الْجَمَاعَةُ مَقَامَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ يَجِبُ عَلَى أَمِينِهِ أَنْ يُحْنِثَ نَفْسَهُ وَيَحْكُمُ أَمْ لَا.؟ جَوَابُهَا إذَا تَحَرَّجَ النَّاسُ لِعَدَمِ الْقُضَاةِ أَوْ لِكَوْنِهِمْ غَيْرَ عُدُولٍ فَجَمَاعَتُهُمْ كَافِيَةٌ فِي الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْته، وَفِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ الدِّينِ وَالْفَضْلِ فَيَقُومُونَ مَقَامَ الْقَاضِي فِي ضَرْبِ الْآجَالِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت: تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْقَاضِي مَعَ فَقْدِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْهَا، انْتَهَى. وَانْظُرْ مَسَائِلَ السَّلَمِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ وَالْجِهَادِ مِنْ الْمَشَذَّالِيِّ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ كَلَامِهِ فِي الْوَصَايَا.

وَفِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[مَسْأَلَةٌ قَامَتْ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فِي غَيْبَةِ الزَّوْجِ فَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ]

(مَسْأَلَةٌ) إذَا قَامَتْ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فِي غَيْبَةِ الزَّوْجِ فَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ فَذَكَرَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ تَطَوَّعَ رَجُلٌ بِأَدَائِهَا لَمْ يُفْسَخْ.

(قُلْت) وَيُؤْخَذُ مِنْ هُنَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا مَعَ ابْنِ الْكَاتِبِ رَأَيْنَا هُنَا فِي حَاشِيَةِ نُسْخَةٍ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهَا: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَقَامَتْ الْمَرْأَةُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا زَوْجُهَا شَيْئًا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ وَأَرَادَتْ الْفِرَاقَ إذَا لَمْ يَتْرُكْ لَهَا زَوْجُهَا نَفَقَةً ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ أَوْ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>