للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَنَعَهُمَا سَحْنُونٌ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالْجَوَازُ أَظْهَرُ وَوَافَقَ سَحْنُونٌ عَلَى الْجَوَازِ فِي كِرَاءِ الدَّارِ سَنَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ قَبْلَهَا حَاسَبَهُ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَمَسْأَلَةُ كِرَاءِ الدَّارِ هَذِهِ فِي رَسْمِ نَذَرَ سَنَةً مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ (فَرْعٌ:) ، فَإِنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِبَلَدٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ حَاجَتَهُ فِيهَا تَقَدَّمَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ نَذَرَ سَنَةً مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِرَاءِ الدُّورِ: فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الْمَوْضِعَ الَّذِي شَرَطَ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ، وَيَكُونُ تَبَعًا لِلْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَبِحِسَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لِلْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، أَوْ كَانَ بِخِلَافِهِ أَرَخْصَ، أَوْ أَغْلَى، أَوْ مُبْهَمًا لَا يَدْرِي إنْ كَانَ بِحِسَابِهِ أَمْ لَا إلَّا بَعْدَ النَّظَرِ؟ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا سَمَّى الْمَوْضِعَ الَّذِي شَرَطَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ أَوْ كَانَ وَجْهُهُ مَعْرُوفًا، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ كَانَ بِحِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ بَعْدَ هَذَا، وَمَا فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى بَعْدَ هَذَا وَالثَّالِثُ: أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا سَمَّى الْمَوْضِعَ الَّذِي شَرَطَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ أَوْ كَانَ وَجْهُهُ مَعْرُوفًا، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، أَوْ غَيْرَ تَبَعٍ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ تَوْجِيهَهَا فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ تَبَعًا يَعْنِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ]

ص (وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (فَرْعٌ:) قَالَ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ إذَا اكْتَرَى دَارًا عَشْرَ سِنِينَ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَسَكَنَ الدَّارَ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، ثُمَّ أَرَادَ اشْتِرَاءَهَا مِنْ رَبِّهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: شِرَاءُ الْمُكْتَرِي لَهَا عِنْدِي جَائِزٌ، وَهُوَ فَسْخٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكِرَاءِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْكِرَاءِ كَانَتْ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي؟ إذْ الْكِرَاءُ قَدْ انْفَسَخَ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ: شِرَاءُ الْمُكْتَرِي لَهَا جَائِزٌ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْكِرَاءِ، وَيَكُونُ بَقِيَّةُ الْكِرَاءِ مُضَافًا إلَى ثَمَنِ الدَّارِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ ثَمَنًا لِلدَّارِ انْتَهَى.

وَنَقَلَ الْوَانُّوغِيُّ فِي الثَّمَنِ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلَ: أَنَّهُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ دُونَ الْأُجْرَةِ.

وَالثَّانِيَ: مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ، وَمَا يَجِبُ لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَنَصُّهُ: مَا نَقَلَ ابْنُ الرَّفِيعِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ عَاتٍ، وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فَسْخٌ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الثَّمَنُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ دُونَهُ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ سَهْلٍ، وَقَالَ ابْنُ عِمْرَانَ: الثَّمَنُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ، وَمَا يَجِبُ لِبَقِيَّةِ الْمُدَّةِ مِنْ الْكِرَاءِ انْتَهَى.

، وَمِنْهُ قَبْلَ هَذَا بِنَحْوِ الْوَرَقَتَيْنِ وَمَنْ آجَرَ أَمَتَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْئِهَا، فَإِنْ حَمَلَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْهُ، وَمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ، فَالْإِجَارَةُ أَوْلَى بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ بَعُدَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَنَحْوُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْكَبِيرِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَهَذَا إذَا رَضِيَ الْمُبْتَاعُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَذَا الْعَيْبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِي إجَارَةٍ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ أَيْضًا: مَسْأَلَةٌ: لَوْ أَجَّرَهُ شَهْرًا، ثُمَّ بَاعَهُ، فَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي حَتَّى انْقَضَى الشَّهْرُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْبَيْعُ مَاضٍ، وَهُوَ كَعَيْبٍ ذَهَبَ، وَلِلْمُشْتَرِي أُجْرَةُ الشَّهْرِ، أَحَبَّ الْبَائِعُ أَمْ كَرِهَ؟ وَلَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ عَبْدٍ، وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْإِجَارَةُ لِلْبَائِعِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إجَارَةٍ، أَوْ يَرُدَّهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِ الْعَبْدِ وَإِجَارَتِهِ انْتَهَى مِنْهُ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ: وَقِيلَ: بَلْ يَقُومُ الْعَبْدُ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ يَوْمَ عَقْدِ الْبَيْعِ، ثُمَّ يَقُومَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ شَهْرٍ فَمَا نَقَصَ رَجَعَ بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهَذَا أَحْسَنُهَا صَحَّ مِنْهُ، وَهُوَ لِأَبِي إِسْحَاقَ وَمِنْهُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا عَلِمَ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ، وَكَانَتْ قَرِيبَةً كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ جَازَ، وَيُخْتَلَفُ هَلْ لَهُ مُتَكَلَّمٌ فِي إجَارَةِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ عَلَى مَا سَيَأْتِي انْتَهَى.

وَيُشِيرُ إلَى الِاخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْأَمَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>