للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُلِمَ ذَلِكَ عُلِمَ حُكْمُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُدَّةَ الْمَجْهُولَةَ كَالْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ مِنْ جِهَةِ الْخِيَارِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَمَسْأَلَةُ الثَّوْبِ وَمَسْأَلَةُ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ حَتَّى تَمْضِيَ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ ظَهَرَ وَجْهُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَالْغَلَّةَ لَهُ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْعَ خِيَارٍ، وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ هُوَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ نَحْوَ مَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِالدَّارِ وَالْعَبْدِ]

(الرَّابِعُ) : لَا خُصُوصِيَّةَ لِلثَّوْبِ بِمَا ذُكِرَ بَلْ حُكْمُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ كَذَلِكَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ: وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ، وَفِيهِ لَهُ انْتِفَاعٌ، وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الدَّارِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسْكُنُهَا وَيَصْرِفُ عَنْ نَفْسِهِ مَئُونَةَ كِرَاءِ دَارٍ كَانَ يَسْكُنُهَا، وَإِنَّمَا يَمْضِي وَحْدَهُ فَيُقِيمُ فِيهَا لَيْلًا يَخْتَبِرُ أَمْرَ الْجِيرَانِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ بِذَلِكَ، وَلَا نَقْلِ فَرْشٍ إلَيْهَا وَكُلُّ أَمَدٍ مِنْ هَذَا يَكُونُ لَهُ ثَمَنٌ، وَلَهُ فِيهَا انْتِفَاعٌ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ، وَلَا أَنْ يَفْعَلَ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَمَا لَا قَدْرَ لَهُ فَجَائِزٌ أَنْ يُشْتَرَطَ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لَمْ يُلْزَمْ الْبَائِعُ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُبْتَاعِ لِيَخْتَبِرَهُ إلَّا بِشَرْطٍ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ سُكْنَى الدَّارِ مِنْ غَيْرِ كِرَاءٍ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا الدَّارُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ، أَوْ بِكِرَاءٍ، وَلَمْ يُخْلِهِ لِأَجْلِ انْتِفَاعِهِ بِالْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ سُكْنَاهُ فِي كِرَاءٍ فَأَخْلَاهَا، أَوْ أَكْرَاهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي بِغَيْرِ كِرَاءٍ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ أَدَّى الْأُجْرَةَ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ إنْ كَانَ اخْتَارَهَا فِيمَا لَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ جَازَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ، وَلَمْ تُخْتَبَرْ مُدَّةً لَمْ يَجُزْ إلَّا بِعِوَضٍ.

وَالْعَبْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ، أَوْجُهٍ: عَبْدُ خِدْمَةٍ وَعَبْدُ صِنَاعَةٍ وَعَبْدُ خَرَاجٍ فَعَبْدُ الْخِدْمَةِ لَا تَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ، وَإِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ وَيَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَعْرِفَتِهَا، وَهُوَ عِنْدَ سَيِّدِهِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا عَمِلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَتَكُونُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِذَلِكَ إلَّا نَحْوًا مِنْ اخْتِبَارِهِ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا تَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي مَعْرِفَةَ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبْعَثَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَيَكُونَ مَا يَكْسِبُهُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ، وَإِذَا ثَبَتَ الْعِوَضُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سُكْنَى، أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا، فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَمَدِ كَانَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ، وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ ذَلِكَ الْأَمَدِ كَانَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ، وَسَقَطَ مَا سِوَاهُ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَرَدٍّ فِي كَالْغَدِ)

ش: هُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ، أَوْ كَالْغَدِ وَقُرْبِ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي بِالْقَرِيبِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالْبَعِيدِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اهـ.

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ شَرَطَ إنْ لَمْ يَأْتِ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ لَزِمَ الْبَيْعُ لَمْ يَجُزْ.

أَرَأَيْتَ إنْ مَرِضَ الْمُبْتَاعُ، أَوْ حَبَسَهُ سُلْطَانٌ كَانَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ؟ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَإِنْ فَاتَ الْأَجَلُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْبَيْعُ.

ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْقَابِسِيِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ فَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَشَرَطَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلِ كَذَا، وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا، فَقَدْ قَالَ فِيهَا فِي آخِرِ تَأْوِيلِهِ: إنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَرَآهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَاَلَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَارٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا الِاخْتِلَافُ كَمَا جَرَى فِي هَذِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَتِمَّ فَوَجَبَ فَسْخُهُ، وَفِي تِلْكَ تَمَّ فَوَجَبَ إسْقَاطُ الشَّرْطِ.

ابْنُ يُونُسَ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>