للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْخَلِيفَةِ وَأَنَّ كُلَّ أَمِيرٍ إذَا مَرَّ بِقَرْيَةٍ مِمَّا فِي عَمَلِهِ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ فِيهَا الْجُمُعَةَ وَنَصُّهَا: قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمِيرِ الْمُؤَمَّرِ عَلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَيَخْرُجُ فِي عَمَلِهِ مُسَافِرًا: إنَّهُ إنْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُ يُجْمَعُ فِي مِثْلِهَا الْجُمُعَةُ جَمَعَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ مَرَّ بِمَدِينَةٍ مِنْ الْمَدَائِنِ فِي عَمَلِهِ جَمَعَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِنْ جَمَعَ فِي قَرْيَةٍ لَا يَجْمَعُ فِيهَا أَهْلُهَا لِصِغَرِهَا فَلَا تُجْزِئُهُمْ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْقُرَى الَّتِي يُجْمَعُ فِي مِثْلِهَا إذَا كَانَ فِي عَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا؛ لِأَنَّهُ إمَامُهُمْ انْتَهَى.

ص (وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ عَلَى الْأَصَحِّ)

ش: عَزَا هَذَا الْقَوْلَ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَاسْتَظْهَرَهُ وَلَهُمَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَا الِاسْتِخْلَافَ لِمَالِكٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَكِنْ ذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْ ابْنِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ إنْ كَانَ قَرِيبًا قَالَ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الطِّرَازِ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا فَلِذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْكَرُوفِ فِي الْوَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً)

ش: جَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ أَقَلَّهَا حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ وَيَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ أَعَادَ الْخُطْبَةَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَأَجْزَأَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الطِّرَازِ يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ انْتَهَى.

(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ حَكَى الْمُؤَرِّخُونَ عَنْ عُثْمَانَ كِذْبَةً عَظِيمَةً أَنَّهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَارْتَجَّ عَلَيْهِ فَقَالَ كَلَامًا مِنْ جُمْلَتِهِ وَأَنْتُمْ أَحْوَجُ إلَى إمَامٍ فَعَّالٍ مِنْكُمْ إلَى إمَامٍ قَوَّالٍ أَقُولُ يَاللَّهُ وَلِلْعُقُولِ، إنْ قُلْنَا الْيَوْمَ لَا يُرْتَجُّ عَلَيْهِ فَكَيْفَ عُثْمَانُ لَا سِيَّمَا وَأَقْوَى أَسْبَابِ الْحَصْرِ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُرْضِي السَّامِعِينَ وَيُمِيلُ قُلُوبَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ الظُّهُورَ عِنْدَهُمْ وَمَنْ كَانَتْ خُطْبَتُهُ لِلَّهِ فَلَيْسَ يُحْصَرُ عَنْ حَمْدٍ وَصَلَاةٍ وَحَضٍّ عَلَى خَيْرٍ وَتَحْذِيرٍ مِنْ شَرِّ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَلَا يُحْصَرُ إلَّا مَنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ غَيْرُ الْخَيْرِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ ذِكْرِ خَطِيبِ الصَّلَاةِ فِي خُطْبَتِهِ الصَّحَابَةَ وَالسُّلْطَانُ]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ حَاصِلُهَا مَا حُكْمُ ذِكْرِ خَطِيبِ الصَّلَاةِ فِي خُطْبَتِهِ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَالسُّلْطَانَ - سَدَّدَهُ اللَّهُ - وَمَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَمَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ شَرْعٌ لَا يُخَالَفُ أَوْ وَاجِبٌ لَا يُتْرَكُ وَجَوَابُهَا أَنَّ نَقُولَ: أَمَّا بِدْعَةُ ذِكْرِ الصَّحَابَةِ فَهَذَا عِنْدِي جَائِزٌ حَسَنٌ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَعْظِيمِ مَنْ عُلِمَ تَعْظِيمُهُ مِنْ الشَّرِيعَةِ ضَرُورَةً وَنَظَرًا وَلَا سِيَّمَا إذَا مَزَجَ ذَلِكَ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ نُصْرَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَذْلِ نُفُوسِهِمْ فِي إظْهَارِ الدِّينِ وَأَمَّا بِدْعَةُ ذِكْرِ السَّلَاطِينِ بِالدُّعَاءِ وَالْقَوْلِ السَّالِمِ مِنْ الْكَذِبِ فَأَصْلُ وَضْعِهَا فِي الْخُطْبَةِ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ مَرْجُوحٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِ حُسْنِهَا فِيمَا أَعْلَمُ.

وَأَمَّا بَعْدَ إحْدَاثِهَا وَاسْتِمْرَارِهَا فِي الْخُطَبِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَصَيْرُورَةِ عَدَمِ ذِكْرِهَا مَظِنَّةَ اعْتِقَادِ السَّلَاطِينِ فِي الْخَطِيبِ مَا يُخْشَى غَوَائِلُهُ وَلَا تُؤْمَنُ عَاقِبَتُهُ فَذِكْرُهُمْ فِي الْخُطَبِ رَاجِحٌ أَوْ وَاجِبٌ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِلسَّلَاطِينِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ مُحْدَثٌ.

وَقَالَ فِي الرَّوْضِ لِابْنِ الْمُقْرِي مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ لِلسَّلَاطِينِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُجَاوَزَةٌ فِي وَصْفِهِ؛ إذْ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بِصَلَاحِ السُّلْطَانِ انْتَهَى.

ص (تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ)

ش: يُرِيدُ وُجُوبًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيُّ لَا نَصَّ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُهُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فِي وُجُوبِهِ قَوْلَانِ لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَقَالَ الْبَاجِيُّ الْوُجُوبُ نَصُّهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا لَا يُجْمَعُ إلَّا بِجَمَاعَةٍ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَصَوَّبَهُ عِيَاضٌ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ انْتَهَى.

وَكَذَلِكَ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>