للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ الْحَاجِبِ وَتُكْرَهُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْأَشْهَرِ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ ظِئْرًا وَالْأَشْهَرُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا قُرْبَةٌ فَلَا يُعَانُ بِهَا الْكَافِرُ، وَعَنْ مَالِكٍ التَّخْفِيفُ فِي الذِّمِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ كَالْمَجُوسِيِّ وَأَشَارَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّ مَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي يَكُونُ فِي عِيَالِ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْبَعْثُ إلَيْهِمْ، فَلَا يَجُوزُ قَالَ: وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَكَسَ ابْنُ رُشْدٍ فَجَعَلَ مَحِلَّ الْخِلَافِ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ إنَّمَا هُوَ الْبَعْثُ، وَأَمَّا مَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ أَوْ وَصَيْفِهِ.

فَلَا خِلَافَ فِي إبَاحَةِ إطْعَامِهِمْ، فَيَتَحَصَّلُ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ انْتَهَى. وَيُشِيرُ بِكَلَامِ مَالِكٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ رُشْدٍ لِمَا فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ سُنَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْأُضْحِيَّة مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ ظِئْرًا لِلرَّجُلِ، فَتَأْتِي فَتُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ فَرْوَةَ أُضْحِيَّةِ ابْنِهَا.

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَنْ تُوهَبَ لَهَا الْفَرْوَةُ وَتُطْعَمُ مِنْ اللَّحْمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ قَوْلَيْهِ إلَيَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اخْتِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا إنَّمَا مَعْنَاهُ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي عِيَالِهِ، فَأُعْطِيَتْ مِنْ اللَّحْمِ مَا تَذْهَبُ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَسْمِ اغْتَسَلَ، فَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي عِيَالِهِ أَوْ غَشِيَتْهُمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَأْسٌ أَنْ تُطْعَمَ مِنْهُ دُونَ خِلَافٍ، وَهَذَا يَرُدُّ تَأْوِيلَ ابْنِ حَبِيبٍ إذْ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَرِهَ الْبَعْثَ إلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ، وَأَجَازَ أَنْ يُطْعَمُوا مِنْهُ إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ، وَيُشِيرُ بِمَا فِي رَسْمِ اغْتَسَلَ لِقَوْلِهِ.

وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَيُهْدُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جِيرَانِهِمْ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ مَا مَضَى فِي رَسْمِ سُنَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَإِلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ بَعَثَ لَهُ أَوْ وُلِدَ فِي عِيَالِهِ تَرَدُّدٌ.

ص (وَالتَّغَالِي فِيهَا)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ

[فَرْعٌ فِي تَسْمِينِ الْأُضْحِيَّة]

(فَرْعٌ) : قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِينِ الْأُضْحِيَّةِ فَقَالَ عِيَاضٌ: الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ شَعْبَانَ لِمُشَابِهَةِ الْيَهُودِ انْتَهَى.

وَقَالَ أَيْضًا فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ: وَسَأَلْتُ شَيْخَنَا عَنْ تَسْمِينِ الْمَرْأَةِ، فَأَجَابَ أَمَّا مَا يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِالْجِسْمِ وَالتَّرْغِيمِ عَلَيْهِ أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الطَّعَامِ وَنَتْنِهِ، فَلَا يَجُوزُ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الشِّبَعِ مِمَّا لَا يُؤَدِّي إلَى هَذَا، فَالصَّوَابُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَمَالِ الْمُتْعَةِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ: كَثْرَةُ شَحْمِ الْمَرْأَةِ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ ثِقَلٌ فِي الْحَيَاةِ ونَتْن بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُطْلَقِ الشِّبَعِ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَمِثْلُهُ تَسْمِينُ الْحَيَوَانِ لِلْأَعْيَادِ الَّذِي لَا يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الْحَيَوَانِ جَائِزٌ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ شَعْبَانَ، وَكَرِهَهُ انْتَهَى. وَيَشْهَدُ لِجَوَازِ تَسْمِينِ الْحَيَوَانِ مَا فِي أَوَّلِ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مِنْ كِتَابِ الذَّبَائِحِ قَالَ سَحْنُونٌ: سَمِعْتُ أَشْهَبَ وَابْنَ نَافِعٍ يَقُولَانِ: سَمِعْنَا الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَخْزُومِيَّ يُحَدِّثُ مَا كَانَ أَبُو الْحُوَيْرِثِ حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَمَرَ بِثَلَاثِ دِيَكَةٍ لَهُ أَنْ تُسَمَّنَ حَتَّى إذَا امْتَلَأَتْ شَحْمًا أَمَرَ غُلَامًا لَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا، فَذَبَحَهَا مِنْ أَقْفِيَتِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا أَبُو مُطْعِمٍ قَالَ: إنِّي لَأَظُنُّهُ حِرْمَانَهَا فَقُلْتُ لَهُ كَلًّا فَخَرَجْت مَعَهُ إلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ حَتَّى سَأَلَهُ فَقَالَ: لَا تَأْكُلْ فَقِيلَ لِمَالِكٍ أَتَرَى مَا قَالَ سَعِيدٌ لَا أَكْلَ قَالَ: نَعَمْ انْتَهَى، فَانْظُرْ هَذِهِ الْجَمَاعَةَ كُلَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا بِتَسْمِينِ الدِّيَكَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْإِكْمَالِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّلَاثَةِ قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْفِطْنَةَ قَلَّمَا تَكُونُ مَعَ كَثْرَةِ الشَّحْمِ وَالِاتِّصَافِ بِالسِّمَنِ، وَكَثْرَةِ اللَّحْمِ انْتَهَى.

ص (وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ)

ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ أَبَوَيْهِ الْمَيِّتَيْنِ انْتَهَى. قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: إنَّمَا كَرِهَ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ غَالِبًا الْمُبَاهَاةُ وَالْمُفَاخَرَةُ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>