وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَظْهَرَهُ فِي الْإِكْمَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْخَاتَمَ الَّذِي بَعْضُهُ ذَهَبٌ لَيْسَ بِحَرَامٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَانْظُرْ هَلْ مُرَادُهُمْ بِالْمُمَوَّهِ الطِّلَاءُ الَّذِي لَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ وَلَوْ اجْتَمَعَ. وَاتُّفِقَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْمَنْعِ فِيمَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ شَيْءٌ انْتَهَى.
(قُلْتُ) وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سَنَدٍ، وَمِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ فَإِنَّهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى إيجَابِ الزَّكَاةِ فِيهَا إذَا بَلَغَ ذَهَبُهَا النِّصَابَ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَانْظُرْ هَذَا النُّحَاسَ الْمُكْفَتَ أَيْ الَّذِي يُحْفَرُ وَيُنْزَلُ فِيهِ فِضَّةٌ هَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِإِنَاءِ فِضَّةٍ أَوْ بِالْمُمَوَّهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَبِلَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
ص (وَالْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ)
ش: الْمُضَبَّبُ إنَاءٌ مِنْ فَخَّارٍ، أَوْ عُودٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ انْكَسَرَ فَشُعِبَ كَسْرُهُ بِخُيُوطٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ جُمِعَ بِصَحِيفَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَذُو الْحَلْقَةِ إنَاءٌ مِنْ عُودٍ، أَوْ غَيْرِهِ جُعِلَ لَهُ حَلْقَةٌ وَكَالْمِرْآةِ وَاللَّوْحِ وَنَحْوِهِمَا وَالْأَصَحُّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ الْمَنْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْجَوَازَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُشْرَبَ فِي إنَاءٍ مُضَبَّبٍ وَلَا يُنْظَرَ فِي مِرْآةٍ فِيهَا حَلْقَةٌ وَهُوَ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ وَالْكَرَاهَةَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الَّذِي عَزَاهُ الْمَازِرِيُّ لِلْمَذْهَبِ، وَكَذَا بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْخِلَافِ قَالَ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا كَرَاهَةُ الشُّرْبِ فِي الْإِنَاءِ الْمُضَبَّبِ كَمَا كُرِهَ النَّظَرُ فِي مِرْآةٍ فِيهَا حَلْقَةُ فِضَّةٍ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا اسْتِعْمَالُ الْمُضَبَّبِ إذَا كَانَ يَسِيرًا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَعِلَّةُ مُجَرَّدِ السَّرَفِ لَا تَقْتَضِي التَّحْرِيمَ كَأَوَانِي الْبِلَّوْرِ الَّتِي لَهَا الثَّمَنُ الْكَثِيرُ وَالْيَاقُوتِ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهَا عِنْدَنَا جَائِزٌ غَيْرُ حَرَامٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِلسَّرَفِ انْتَهَى.
ص (وَإِنَاءِ الْجَوْهَرِ قَوْلَانِ)
ش: كَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْفَيْرُوزَجِ، وَكَذَا الْبِلَّوْرُ كَمَا حَكَاهُ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْبِلَّوْرُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا كَسِنَّوْرِ، وَقَدْ تُخَفَّفُ اللَّامُ كَسِبَطْرٍ وَيُقَالُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا كَتَنُّورِ حَكَاهَا فِي الْقَامُوسِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَقِيقَ لَيْسَ مِنْهَا وَقَالَ ابْنُ الْكَرُوفِ أَرَى النَّفَاسَةَ بِاعْتِبَارِ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ نَفِيسًا فِي مَوْضِعٍ غَيْرَ نَفِيسٍ فِي غَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ سَابِقٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثًا بِالْكَرَاهَةِ وَعَزَاهُ لِابْنِ سَابِقٍ وَحَكَاهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ قَالَهُ فِي الْإِكْمَالِ.
(فَرْعٌ) هَلْ يَجُوزُ لُبْسِ الْخَاتَمِ مِنْ هَذِهِ الْجَوَاهِرِ أَوْ جَعْلُ الْفَصِّ مِنْهُ، أَوْ جَعْلُهَا فِي الْعُنُقِ، أَوْ الذِّرَاعِ وَنَحْوُ ذَلِكَ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَارٍ عَلَى اتِّخَاذِ الْآنِيَةِ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ اتِّخَاذُ الْأَوَانِي مِنْ الْفَخَّارِ وَمِنْ الْعِظَامِ الطَّاهِرَةِ وَغَيْر ذَلِكَ]
(فَرْعٌ) يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْأَوَانِي مِنْ الْفَخَّارِ، وَمِنْ الْحَدِيدِ، وَمِنْ الرَّصَاصِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ، وَمِنْ الْخَشَبِ، وَمِنْ الْعِظَامِ الطَّاهِرَةِ إجْمَاعًا قَالَهُ فِي الْقَوَانِينِ وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ الْمُقَوْقَسُ الْقِبْطِيُّ صَاحِبُ مِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «حَدَّثَنِي الْمُقَوْقَسُ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute