للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُرُوجُ وَوَجَدَ الْأَصْحَابَ، فَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَّا مُتَأَوِّلًا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مَعَ الِانْتِظَارِ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ إلَّا مَعَ الْمَشْيِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ، انْتَهَى.

وَفِي كَلَامِهِ تَعَارُضٌ؛ لِأَنَّهُ حَكَى أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ فِي أَنَا أُحْرِمُ بِنَفْسِ الْحِنْثِ بِلَا خِلَافٍ، ثُمَّ ذَكَرَ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ وَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَكَلَامِ صَاحِبِ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ مُحْرِمًا إذَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ يَعْنِي يُؤْمَرُ بِالْإِحْرَامِ إذَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ لَا أَنَّهُ يَكُونُ مُحْرِمًا بِنَفْسِ دُخُولِهَا إذْ لَا قَائِلَ بِهِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَصِلُ إذَا خَرَجَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَنَّهُ يُحْرِمُ وَيُؤَخِّرُ الْإِحْرَامَ إلَى دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، هُوَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمْتَ فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَإِنْ نَوَى تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا نَوَى أَوْ صَرَّحَ بِهِ، انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَلَامِهِ هُنَا وَكَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ إنْ قَيَّدَ بِيَوْمِ كَذَا أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ أَوْ حَلَفَ بِهِ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِيَوْمٍ يُرِيدُ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَجِّلَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ: وَعَجَّلَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِنَفْسِ الْحِنْثِ فِي قَوْلِهِ: أَنَا مُحْرِمٌ كَمَا هُوَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ

، ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْقِسْمِ الْمُقَيَّدِ ذَكَرَ الْمُطْلَقَ وَبَدَأَ بِالْعُمْرَةِ، فَقَالَ: كَالْعُمْرَةِ مُطْلِقًا وَيَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ بِعُمْرَةٍ مُطْلِقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ ذَلِكَ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ لَا بِلَفْظٍ، وَلَا بِنِيَّةٍ كَمَنْ قَيَّدَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَجِّلَ الْإِحْرَامَ بِهَا يَوْمَ حِنْثِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ: مُطْلِقًا بِكَسْرِ اللَّامِ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْقَيْدَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ وُجُودُ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ رُفْقَةً أَخَّرَ الْإِحْرَامَ حَتَّى يَجِدَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، ثُمَّ قَالَ لَا الْحَجُّ يَعْنِي الْحَجَّ الْمُطْلَقَ، فَإِذَا نَذَرَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ مُطْلِقًا غَيْرَ مُقَيِّدٍ إحْرَامَهُ بِزَمَنٍ لَا بِلَفْظٍ، وَلَا بِنِيَّةٍ، ثُمَّ حَنِثَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ حَتَّى تَدْخُلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ إنْ كَانَ يَصِلُ فِيهَا إلَى مَكَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ وَيَخْرُجَ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ كَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ فِي قَوْلِهِ: يَدْخُلُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَإِذَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَحْرَمَ، وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَيْثُ لِلزَّمَانِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: وَهُوَ لِلْمَكَانِ اتِّفَاقًا، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: وَقَدْ تَرِدُ لِلزَّمَانِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ نُوقِشَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا هُوَ لِابْنِ يُونُسَ لَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لَا الْمَشْيُ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِحْرَامِ الْمُطْلَقِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ قَوْلَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لَا بِلَفْظٍ، وَلَا بِنِيَّةٍ فَالْقَوْلُ بِالْفَوْرِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ النُّذُورَ الْمُطْلَقَةَ مَحَلُّهَا عَلَى الْفَوْرِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ، وَتَأَوَّلَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

[فَرْعٌ كَلَّمَهُ فَحَنِثَ بِالْحَجِّ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَجَّ]

(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَوْ كَلَّمَهُ فَحَنِثَ بِالْحَجِّ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَجَّ لِضِيقِ الْوَقْتِ، قَالُوا: يُحْرِمُ وَيُقِيمُ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ؛ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْيَوْمِ، انْتَهَى مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ: يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا، وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا حَنِثَ فِي الْمُطْلَقِ وَكَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا لَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

. ص (وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ: مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي رِتَاجِهَا أَوْ حَطِيمِهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَعْبَةَ لَا تُنْقَضُ فَتُبْنَى، وَالرِّتَاجُ: الْبَابُ، وَالْحَطِيمُ: مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>