للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَعَادَ أَبَدًا بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَنُقِلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَنَّ مَنْ قَصَرَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَعَادَ أَبَدًا، وَحَكَاهُ ابْنُ الْجَلَّابِ بِقِيلَ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ.

(قُلْت) ، وَفِي جَعْلِهِ الْمَذْهَبَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَوْلَيْنِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَعَدَمِهَا، وَلَمْ يَحْكِ الْإِعَادَةَ أَبَدًا، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ قَصَرَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لَا يُعِيدُ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ سَافَرَ مَسَافَة تقصر فِيهَا الصَّلَاةُ ثُمَّ اسلم فِي أَثْنَائِهَا أَوْ احتلم]

(فَرْعٌ) قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ سَافَرَ مَسَافَةً تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي أَثْنَائِهَا إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا، أَوْ احْتَلَمَ إنْ كَانَ صَبِيًّا، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَسَافَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ فَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ وَلَا يَقْصُرُونَ، وَيَتَخَرَّجُ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلٌ: إنَّهُمْ يَقْصُرُونَ انْتَهَى. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ - فَرْعٌ - قَالَ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ فِي النَّصْرَانِيِّ يَقْدَمُ مِنْ مِصْرَ يُرِيدُ الْقَيْرَوَانَ فَأَسْلَمَ بِقَلْشَانَةَ: إنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ، قَالَ: لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ سَفَرِهِ لَا يُقْصَرُ فِيهِ وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ بَطِرَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُرَاعَى مِقْدَارُ السَّيْرِ مِنْ حِينِ الْبُلُوغِ فِي حَقِّ مَنْ بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ، وَكَذَلِكَ يُرَاعَى فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ، إذَا عَقَلَ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ، قَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِي: وَفِي طُهْرِ الْحَائِضِ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ نَظَرٌ، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَتَّضِحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالصَّلَاةِ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا إجْمَاعًا، وَالْكَافِرُ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ وَبِغَيْرِهَا مِنْ فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ بِشَرْطِ تَقَدُّمِ الْإِيمَانِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ، فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرُ مَا مَضَى مِنْ سَفَرِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي خِطَابِهِ فَالْحَائِضُ أَوْلَى بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي سُقُوطِ الْخِطَابِ عَنْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَائِضَ كَانَتْ قَبْلَ حَيْضَتِهَا مُخَاطَبَةً بِالصَّلَاةِ، وَإِنْ ارْتَفَعَ الْخِطَابُ لِمَانِعٍ، وَالْمَانِعُ مُتَوَقَّعٌ ارْتِفَاعُهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ السَّفَرِ فَخَالَفَتْ بِهَذَا مَنْ ذُكِرَ مَعَهَا فَهَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ انْتَهَى. وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى هَذَا الْمَحِلِّ مِنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ، وَلَوْ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي السُّلَيْمَانِيَّةِ لَوْ أَسْلَمَ قَاصِدٌ مِنْ مِصْرَ الْقَيْرَوَانَ بِقَلْشَانَةَ لَمْ يَقْصُرْ اللَّخْمِيُّ وَكَذَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ، وَفِي طُهْرِ الْحَيْضِ نَظَرٌ الْمَازِرِيُّ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ أَحْرَى؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُخَاطَبٌ بِهَا عَلَى رَأْيٍ وَهِيَ لَا إجْمَاعًا وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ قَبْلَهُ إجْمَاعًا وَالْمَانِعُ مُتَوَقَّعُ الرَّفْعِ.

(قُلْت) وَلَا سِيَّمَا عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْأَوَّلِ انْتَهَى.

[فَائِدَتَانِ الْمِيلِ هَلْ هُوَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَشُهِرَ أَوْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ]

(فَائِدَتَانِ الْأُولَى) اُخْتُلِفَ فِي الْمِيلِ هَلْ هُوَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَشُهِرَ، أَوْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَصُحِّحَ، أَوْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ أَوْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، أَوْ أَلْفُ بَاعٍ بِبَاعِ الْفَرَسِ أَوْ بَاعِ الْجَمَلِ أَوْ مَدِّ الْبَصَرِ أَقْوَالٌ، وَإِلَى هَذَا يُرْجَعُ إلَى مَا رُوِيَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَالذِّرَاعُ قَالَ الْقَرَافِيُّ: قِيلَ هُوَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أُصْبُعًا، وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتِ بَطْنُ إحْدَاهُمَا لِظَهْرِ الْأُخْرَى، وَكُلُّ شُعَيْرَةٍ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعَرَاتِ الْبِرْذَوْنِ انْتَهَى.

(الثَّانِيَةُ) قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُوَطَّإِ: بَيْنَ مَكَّةَ وَعُسْفَانَ، وَمَكَّةَ وَجُدَّةَ، وَمَكَّةَ وَالطَّائِفِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْمَطَالِعِ: إنَّ بَيْنَ مَكَّةَ وَعُسْفَانَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ مِيلًا لَيْسَ بِمَقْبُولٍ، وَعُسْفَانُ - بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ - قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بِهَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَسُمِّيَ عُسْفَانَ؛ لِأَنَّ السُّيُولَ عَسَفَتْهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق: مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحِيحُ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَقَفَهُ انْتَهَى.

ص (وَلَوْ بِبَحْرٍ)

ش: الْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ هَلْ هُوَ اعْتِبَارُ الْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ فِي الْبَحْرِ، أَوْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الزَّمَانُ لَا الْقَصْرُ إذْ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ الْقَصْرِ فِي الْبَحْرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فِي الْبَحْرِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ فِي الْبَرِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>