يَكْشِفُ جَارَهُ مِنْهَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ، وَإِنْ كَانَ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى بُسْتَانِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ وَهُوَ أَحَدُ نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمَزَارِعَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الدُّورِ وَأَمَّا الْفَدَادِينُ وَالْمَزَارِعُ فَلَا خِلَافَ فِي إبَاحَةِ الْبِنَاءِ الَّذِي يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَيْهَا وَالْجِنَانُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا أُخْبِرْت بِهِ عَنْ ابْنِ الطَّلَّاعِ وَالْكُرُومُ الْقَرِيبَةُ كَالْجِنَانَاتِ لَا سِيَّمَا عِنْدَنَا لِكَثْرَةِ تَكْرَارِ أَهْلِهَا بِعِيَالِهِمْ إلَيْهَا انْتَهَى.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِيمَا سُدَّ بِالْحُكْمِ أُزِيلَتْ شَوَاهِدُهُ فَلْيَقْلَعْ عَتَبَةَ الْبَابِ؛ لِأَنَّهَا إنْ تُرِكَتْ وَطَالَ الزَّمَانُ وَنُسِيَ الْأَمْرُ كَانَتْ حُجَّةً لِلْمُحْدِثِ وَيَقُولُ: إنَّمَا أَغْلَقْته لِأُعِيدَهُ مَتَى شِئْت، وَقَالَ بَعْدَهُ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ فِي كَيْفِيَّةِ قَطْعِ ضَرَرِ الِاطِّلَاعِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْحُكْمِ بِسَدِّهِ وَإِزَالَةِ أَثَرِهِ خَوْفَ دَعْوَى قِدَمِهِ لِسَمَاعِ أَشْهَبَ (الثَّانِي) عَدَمُ وُجُوبِ سَدِّهِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِجَعْلِ أَمَامَ ذَلِكَ مَا يَسْتُرُهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي مَسَائِلِ الضَّرَرِ إنَّ الْبَابَ إذَا حُكِمَ بِسَدِّهِ أُزِيلَتْ أَعْتَابُهُ وَعَضَائِدُهُ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ
[فَرْعٌ أَحْدَثَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ مَنْ أَحْدَثَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا مِنْ اطِّلَاعٍ، أَوْ خُرُوجِ مَاءٍ مِرْحَاضٍ قُرْبَ جِدَارِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْإِحْدَاثَاتِ الْمُضِرَّةِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَلَا عَارَضَ فِيهِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ بِهِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهُوَ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَابْنُ الْعَطَّارِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يَنْقَطِعُ الْقِيَامُ فِي إحْدَاثِ الضَّرَرِ إلَّا بَعْدَ سُكُوتِ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا وَبِالْأَوَّلِ الْقَضَاءُ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ فِي آخِرِ نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ: اُخْتُلِفَ فِي حِيَازَةِ الضَّرَرِ الْمُحْدَثِ فَقِيلَ إنَّهُ لَا يُحَازُ أَصْلًا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ إنَّهُ تُحَازُ بِهِ الْأَمْلَاكُ الْعَشَرَةَ الْأَعْوَامِ وَنَحْوَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا يُحَازُ إلَّا بِالْعِشْرِينَ سَنَةٍ، وَنَحْوِهَا وَكَانَ ابْنُ زَرْبٍ يَسْتَحْسِنُ فِي ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: إنَّهُ يُحَازُ بِالْأَرْبَعِ سِنِينَ وَالْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الْجَارَ قَدْ يَتَغَافَلُ عَنْ جَارِهِ فِيمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَقِيلَ إنْ كَانَ ضَرَرُهُ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ فَهُوَ الَّذِي يُحَازُ بِالسُّكُوتِ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ يَتَزَايَدُ كَالْمَطْمُورَةِ إلَى جَنْبِ الْحَائِطِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَلَا حِيَازَةَ فِيهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَ كَلَامَهُ مُتَضَمِّنًا لِسِتَّةِ أَقْوَالٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: قُلْت هَذَا يَعْنِي الْقَوْلَ الْأَخِيرَ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَ مَا يَتَزَايَدُ وَمَا لَا يَتَزَايَدُ عَزَاهُ ابْنُ سَهْلٍ لِنَقْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ فَتْوَى يَحْيَى بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُزَيْنٍ وَمَثَّلَ لِمَا لَا يَزِيدُ بِفَتْحِ الْأَبْوَابِ وَالْكُوَى وَمَا يَزِيدُ كَالْكُنُفِ وَسَابِعُهَا أَيْ الْأَقْوَالِ مُطْلَقُ مَا زَادَ عَلَى عَشَرَةٍ وَثَامِنُهَا مُطْلَقُ مَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ لِمَفْهُومِ نَقْلِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ قَوْلَهُ الْعِشْرِينَ قَلِيلٌ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ سَمِعْت بَعْضُ شُيُوخِنَا الْمُفْتِينَ يَقُولُ لَا يَسْتَحِقُّ الضَّرَرَ بِالْعِشْرِينَ سَنَةٍ إلَّا بِمَا زَادَ وَذَكَرَ ابْنُ سَهْلٍ الْفَتْوَى بِالثَّانِي لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى وَابْنِ لُبَابَةَ وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَابْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِأَصْبَغَ فِي آخِرِ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيمَنْ أَحْدَثَ كَوَّةً، أَوْ بَابًا عَلَى دَارِ غَيْرِهِ، أَوْ أَنْدَرًا عَلَى جِنَانِهِ، أَوْ مَيَازِيبَ عَلَى حَائِطِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ، وَلَا يُنْكِرُ لَا يَسْتَحِقُّ هَذَا بِعِشْرِينَ سَنَةٍ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا كَانَ عَنْ رِضًا، وَلَا تَسْلِيمٍ إلَّا أَنْ يَطُولَ بِالدُّهُورِ الْكَثِيرَةِ جِدًّا فَيَسْتَحِقُّهُ (قُلْتُ:) وَالْأَظْهَرُ عِنْدَهُ تَاسِعُهَا انْتَهَى.
[فَرْعٌ أَحْدَثَ مِنْ الْبُنْيَانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِيهِ بِالضَّرَرِ فَقَامَ جَارُهُ عَلَيْهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي آخِرِ تَبْصِرَتِهِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْقَضَاءِ بِنَفْيِ الضَّرَرِ إذَا أَحْدَثَ الرَّجُلُ مِنْ الْبُنْيَانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِيهِ بِالضَّرَرِ فَقَامَ جَارُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ مِنْ الْفَرَاغِ مِنْ الْبُنْيَانِ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّ سُكُوتَهُ حَتَّى كَمُلَ الْبُنْيَانُ لَمْ يَكُنْ عَنْ إسْقَاطِ حَقِّهِ الْوَاجِبِ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْقِيَامِ بِقَطْعِ الضَّرَرِ انْتَهَى.
فَفُهِمَ مِنْ تَرَتُّبِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ إذَا قَامَ بِقُرْبِ