للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الْوَكَالَةُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَا عَنْ الْحَيِّ وَلَا عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا وَنَصُّهُ: وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ مَعَ الْحَيَاةِ وَأَمَّا مَعَ الْمَوْتِ فَعِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وَالْمُخَالِفُ أَخَذَ بِهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا الْمُعَلِّمِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ انْتَهَى. فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْحَاوِي وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِمَا وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بِخِلَافِ الْحَجِّ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا حُكْمُ التَّطَوُّعِ عَنْ الْمَيِّتِ بِالْحَجِّ مَا هُوَ وَحُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا وَمَنْعُ اسْتِنَابَةٍ صَحِيحٌ فِي فَرْضٍ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُتَطَوِّعُ عَنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَكَمَا يُكْرَهُ عَنْ الْمَيِّتِ فَهُوَ عَنْ الْحَيِّ أَشَدُّ وَيَصِحُّ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِبْهُ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي الْحَيِّ إنْ وَقَعَ وَلَا يَكُونُ فِي الْفَرْضِ بِوَجْهٍ انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَهُ: وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ الْمَيِّتِ حَكَمَ الْجَمِيعُ بِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ انْتَهَى

[مَسْأَلَةٌ إهْدَاء الْقُرَبِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

مَسْأَلَةٌ قَالَ فِي كِتَابِ كَنْزِ الرَّاغِبِينَ الْعُفَاةِ فِي الرَّمْزِ إلَى الْمَوْلِدِ وَالْوَفَاةِ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ مُؤَلِّفِهِ وَلَكِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا فَإِنَّهُ كَانَ يَنْقُلُ عَنْ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَدْرَكْتُهُمْ كَالشَّيْخِ زَكَرِيَّا وَالشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ حَمْزَةَ الدِّمَشْقِيِّ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَأَجَازَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالسُّبْكِيِّ وَالْبَارِزِيِّ وَبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ كَابْنِ عَقِيلٍ تَبَعًا لِعَلِيِّ بْنِ الْمُوَفَّقِ.

وَكَانَ فِي طَبَقَةِ الْجُنَيْدِ وَكَأَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إهْدَاءَ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي هُوَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ الَّذِي سُقْنَاهُ قَرِيبًا وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ كَلَامِ الْمَانِعِينَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: كَانَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ يَمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَجَرَّأُ عَلَى الْجَنَابِ الرَّفِيعِ إلَى آخِرِ لَفْظِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الدُّعَاءِ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ لِمَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ مَعْنَى التَّعْظِيمِ بِخِلَافِ الرَّحْمَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَقَالَ ابْنِ قَاضِي شُهْبَةَ فِي شَرْحِهِ كَانَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْقَرَوِيُّ يَمْنَعُ مِنْهُ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالْأَدَبُ مَعَ الْكِبَارِ مِنْ الْأَدَبِ وَالدِّينِ وَأَعْمَالُ الْأُمَّةِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ فِي صَحِيفَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِّ الْحَنْبَلِيُّ فِي اخْتِيَارَاتِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ أَنَّ إهْدَاءَ الْقُرَبِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ وَأَنَّهُ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ.

وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ مُفْلِحٍ فِي فُرُوعِهِ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ السَّلَفِ إهْدَاءُ الثَّوَابِ إلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بَلْ كَانُوا يَدْعُونَ لَهُمْ فَلَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ لَهُمْ وَلَمْ يَرَهُ مَنْ لَهُ أَجْرُ الْعَامِلِ كَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُعَلِّمِ الْخَيْرِ بِخِلَافِ وَالِدِ الشَّخْصِ فَإِنَّ لَهُ أَجْرًا كَأَجْرِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يُثَابُ عَلَى إهْدَائِهِ فَيَكُونُ لَهُ أَيْضًا مِثْلُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» قَالَ: وَأَقْدَمُ مَنْ بَلَغَنَا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ الْمُوَفَّقِ وَأَنَّهُ كَانَ أَقْدَمَ مِنْ الْجُنَيْدِ وَأَدْرَكَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ وَطَبَقَتَهُ وَعَاصَرَهُ وَعَاشَ بَعْدَهُ وَأَصْحَابُنَا إنَّمَا قَالُوا: إنَّهُ فِي طَبَقَةِ الْجُنَيْدِ

وَسُئِلَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ الْعَطَّارِ تِلْمِيذُ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ هَلْ تَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَإِهْدَاءُ الثَّوَابِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>