فَالْعَبْدُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ، وَهُوَ رِقٌّ لِلسَّيِّدِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ السَّيِّدُ بِعِتْقِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ فَرَدَّهُ بَطَلَ عِتْقُهُ وَصَارَ الْعَبْدُ رَقِيقًا فَإِنْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ مَالَهُ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ كَانَ رَقِيقًا لِلْعَبْدِ وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ فِي حَالِ الرِّقِّ إذَا أَبْطَلَهُ السَّيِّدُ، وَإِنْ عَلِمَ السَّيِّدُ بِالْعِتْقِ وَأَجَازَهُ مَضَى وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ عَلِمَ فَلَمْ يُرَدَّ وَلَمْ يَمْضِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ، فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: مَضَى ذَلِكَ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ ابْنُ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عِنْدَ مَالِكٍ أَفْعَالُهُ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَرُدَّهَا السَّيِّدُ فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا رَدُّهُ إفْصَاحًا وَلَيْسَ سُكُوتُهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا وَلَا رَدًّا فَحِينَ أَعْتَقَهُ تَبِعَهُ مَالُهُ فَجَازَ عِتْقُهُ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَوْ عَلِمَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى أَعْتَقَهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ انْتَهَى. وَنَقَلَ الْقَوْلَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَا الْأَوَّلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالثَّانِيَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ أَعْتَقَتْ عَبْدك عَنْ عَبْدِ رَجُلٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَلَاءُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ أَعْتَقْت عَبْدَك عَنْ عَبْدِ رَجُلٍ فَالْوَلَاءُ لِلرَّجُلِ وَلَا يَجُرُّهُ عَبْدُهُ إنْ أَعْتَقَ كَعَبْدٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُرُّ الْوَلَاءَ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَرْجِعُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ عَقَدَ عِتْقَهُ لَا إذْنَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ وَلَا يُرَدُّ. ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ أَحْسَنُ انْتَهَى.
ص (إلَّا كَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا)
ش: أَيْ فَإِنَّهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: أَعْتَقَ مُسْلِمًا مِمَّا لَوْ أَعْتَقَ كَافِرًا فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ لَمْ يَرِثْهُ سَيِّدُهُ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِعَصَبَةِ سَيِّدِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَادَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ أَيْ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ الْكَافِرُ الَّذِي أَعْتَقَهُ الْكَافِرُ فِي حَالِ كُفْرِهِ فَإِنَّ سَيِّدَهُ لَا يَرِثُهُ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ فَإِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ عَادَ إلَيْهِ الْوَلَاءُ.
ص (وَرَقِيقًا إنْ كَانَ يُنْتَزَع مَالُهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ إذَا أَعْتَقَ لَا يَكُونُ عِتْقُهُ سَبَبًا لِلْوَلَاءِ إذَا كَانَ الرَّقِيقُ مِمَّنْ يُنْتَزَعُ مَالُهُ كَالْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ، وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ إذَا لَمْ يَقْرُبُ الْأَجَلُ وَيُرِيدُ إذَا كَانَ الْعِتْقُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ عَلِمَ بِهِ وَأَجَازَهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقَ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَمْضِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرِ إذَا أَعْتَقُوا فِي مَرَضِ السَّيِّدِ، وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلِ إذَا أَعْتَقَ قُرْبَ الْأَجَلِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ إذَا أَعْتَقُوا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَعَلِمَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ وَأَجَازَهُ، ثُمَّ أَعْتَقُوا فَإِنَّ الْوَلَاءَ لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى أَعْتَقُوا أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يُمْضِ، فَالْوَلَاءُ لَهُمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى، ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَصْلُ مَالِكٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ كُلَّ مَنْ لِلرَّجُلِ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِهِ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ رَاجِعٌ إلَيْهِ إنْ عَتَقَ انْتَهَى. وَحُكِيَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرَةِ يُعْتِقَانِ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ: الْوَلَاءُ لَهُمَا، وَإِنْ صَحَّ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْتَقَا فِي وَقْتٍ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَا لَهُمَا فِيهِ، وَالثَّانِي: الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَرَاهُ كَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ، فَقَالَ لَهُ: لِلْمُكَاتَبِ سُنَّةٌ، وَلِلْعَبْدِ سُنَّةٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَلَمْ تَبْقَ لَهُ حُجَّةٌ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ لِلْعَبْدِ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ هَذَا، فَغَلَطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَشْهَبَ انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: فِي الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا عَتَقَا فِي مَرَضِ السَّيِّدِ لِابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يُوقَفُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُمَا، وَإِنْ صَحَّ فَلَهُ انْتَهَى.
ص (وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ الْوَلَاءُ لَهُمْ)
ش: مَسْأَلَةٌ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ فِي الْبُيُوعِ: لَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك فَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَنَزَلَ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ أَنْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute