شُرُوطُ الرَّجْمِ وَيَعْنِي أَنَّ الرَّجْمَ إنَّمَا يَكُونُ بِشَرْطِ كَوْنِ الزَّانِي مُكَلَّفًا أَيْ عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا مُسْلِمًا أَصَابَ أَيْ وَطِئَ بَعْدَهُنَّ أَيْ بَعْدَ حُصُولِ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَهُ بِنِكَاحٍ أَيْ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ صَحِيحٍ يُرِيدُ إصَابَةً صَحِيحَةً فَلَا رَجْمَ عَلَى مَجْنُونٍ وَلَا عَلَى غَيْرِ بَالِغٍ وَلَا عَلَى عَبْدٍ وَلَا عَلَى كَافِرٍ وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَوْ تَزَوَّجَ وَوَطِئَ فِي نِكَاحٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَالنِّكَاحِ الَّذِي فِيهِ خِيَارٌ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ ذِي الْعَيْبِ أَوْ تَزَوَّجَ وَوَطِئَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ أَوْ تَزَوَّجَ وَوَطِئَ وَطْئًا غَيْرَ صَحِيحٍ وَهُوَ الْوَطْءُ الْمَمْنُوعُ كَالْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[تَنْبِيه تَأَيَّمَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ إحْصَانِهَا أَوْ الرَّجُلُ أَوْ كَانَا عَلَى نِكَاحِهِمَا]
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ تَأَيَّمَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ إحْصَانِهَا أَوْ الرَّجُلُ أَوْ كَانَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْإِحْصَانُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ.
ص (وَلَمْ يَعْرِفْ بُدَاءَةً الْبَيِّنَةَ ثُمَّ الْإِمَامَ)
ش: اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ إلَى حُضُورِ جَمَاعَةٍ لِلْحَدِّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ اللِّعَانِ وَفِيهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ النَّاسِ ابْنُ مُحْرِزٍ لِأَنَّهُ حُكْمُ إمَامٍ بِمَا فِيهِ حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يُحْضِرَ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الزَّانِيَيْنِ {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَأَقَلُّهَا عِنْدَ مَالِكٍ أَرْبَعَةٌ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي آيَةِ النُّورِ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ تَوْبِيخُ الزُّنَاةِ وَالتَّغْلِيظُ عَلَيْهِمْ لِيَرْتَدِعُوا لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَتْ الطَّائِفَةُ فِي خُصُومِهِمْ كَانَ أَغْلَظَ وَاخْتُلِفَ فِي أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ فَقَالَ الْحَسَنُ عَشْرَةٌ وَقَالَ رَبِيعَةُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ وَرَأَى أَنَّ هَذَا كَشَهَادَةِ الزِّنَا وَقَالَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ اثْنَانِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُجْزِئُ الْوَاحِدُ اهـ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي أَحْكَامِهِ الَّتِي رَوَاهَا عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَالِكٌ الطَّائِفَةُ هَهُنَا أَرْبَعَةٌ يَحْضُرُونَ جَلْدَ الزَّانِي الْبِكْرِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي الزِّنَى فَإِنْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي زِنًى وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ دُونَ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فِي بَابِ اللِّعَانِ يَحْضُرُ أَرْبَعَةٌ فَأَكْثَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الزِّنَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] فَيَحْضُرُونَ هُنَا بِجَامِعِ التَّغْلِيظِ وَلِأَنَّ قَطْعَ الْأَنْسَابِ وَفَسَادَ الْأَعْرَاضِ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَيُغَلَّظُ فِي سَبَبِهِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْضِرَ الْحَدَّ طَائِفَةً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ الْعُدُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَالطَّائِفَةُ أَرْبَعَةٌ فَصَاعِدًا وَالْفَائِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ قَذَفَهُ قَاذِفُهُ وَطَالَبَهُ بِحَدِّ قَاذِفِهِ أَمْكَنَ قَاذِفَهُ التَّخَلُّصُ مِنْ ذَلِكَ وَبِإِحْضَارِ مَنْ شَهِدَ حَدَّهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إحْضَارُ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِلْحَدِّ. وَأَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْجَلَّابِ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ عُيُونِ الْمَجَالِسِ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْضِرَ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ فِي الزِّنَى طَائِفَةً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَالطَّائِفَةُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ أَرْبَعَةٌ فَصَاعِدًا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاحِدٌ فَمَا فَوْقَهُ وَذَهَبَ عَطَاءٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إلَى أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ هُنَا اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ. وَذَهَبَ الْحَسَنُ إلَى أَنَّهَا عَشْرَةٌ انْتَهَى. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] قِيلَ لَا يَشْهَدُ التَّعْذِيبَ إلَّا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: رَجُلٌ فَمَا فَوْقَهُ إلَى الْأَلْفِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ أَرْبَعَةٍ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا، وَإِنَّ هَذَا بَابٌ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَهَذَا مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ فَرَآهَا مَوْضِعَ شَهَادَةٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثُمَّ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِحُضُورِ الْجَمَاعَةِ هَلْ الْمَقْصُودُ بِهَا الْإِغْلَاظُ عَلَى الزُّنَاةِ وَالتَّوْبِيخُ وَالرَّدْعُ أَوْ الدُّعَاءُ لَهُمَا بِالتَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ؟ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ انْتَهَى. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute