للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرَجَاتِهِ تَوَقُّعُ التَّرْوِيعِ، وَأَنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ مُقْتَنِيهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ، فَأَمَّا الْمُرَوِّعُ مِنْهُنَّ غَيْرُ الْمُؤْذِي، فَقَتْلُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ أَمَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ ذُو النُّقْطَتَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَلَّمَا يُنْتَفَعُ بِمِثْلِ تِلْكَ الصِّفَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي رَسْمِ مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَتْلِ الْكِلَابِ أَتَرَى أَنْ تُقْتَلَ قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يُؤْمَرَ بِقَتْلِ مَا يُؤْذِي مِنْهَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِيهَا قُلْت لَهُ فِي مِثْلِ قَيْرَوَانَ وَالْفُسْطَاطِ قَالَ: نَعَمْ وَأَمَّا كِلَابُ الْمَاشِيَةِ فَلَا أَرَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ ذَهَبَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَتْلِ الْكِلَابِ إلَى مَا رَوَاهُ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ» وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ أَخَذَ بِالْحَدِيثِ فِي الْكِلَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهَا، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي الْأَحَادِيثِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ كِلَابِ الْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ وَالزَّرْعِ

وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مِنْ الْكِلَابِ إلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْت بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ» وَقَالَ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْمَذْهَبِ: الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ مِنْ الْكِلَابِ أَكْثَرُ أَذًى وَأَبْعَدُهَا مِنْ تَعَلُّمِ مَا يَنْفَعُ وَرَوَى أَيْضًا أَنَّهُ شَيْطَانٌ أَيْ بَعِيدٌ مِنْ الْخَيْرِ وَالْمَنَافِعِ قَرِيبُ الْأَذَى، وَهَذَا شَأْنُ الشَّيْطَانِ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَقَدْ كَرِهَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ قَصْدَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ مِنْ الْكِلَابِ أَسْوَدُ، وَلَا غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَقُورًا مُؤْذِيًا، وَقَالُوا: الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا» فَعَمَّ، وَلَمْ يَخُصَّ كَلْبًا مِنْ غَيْرِهِ وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي «الْكَلْبِ الَّذِي كَانَ يَلْهَثُ عَطَشًا، فَسَقَاهُ الرَّجُلُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ وَغَفَرَ لَهُ وَقَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» قَالُوا فَإِذَا كَانَ الْأَجْرُ فِي الْإِحْسَانِ إلَيْهِ فَالْوِزْرُ فِي الْإِسَاءَةِ إلَيْهِ وَلَا إسَاءَةَ إلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ شَيْطَانٌ» مَا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ كَثِيرٌ، وَلَا يَجِبُ قَتْلُهُمْ، وَقَدْ «رَأَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً، فَقَالَ: شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً» وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِهَا قَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فُرُوعٌ فِي شَرَابُ خَلِيطَيْنِ]

ص (وَشَرَابُ خَلِيطَيْنِ)

ش: (فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) : خَلْطُ اللَّبَنِ بِالْعَسَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>