للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَقٍّ وَمَنْ دَعَا لِلسَّابِعِ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لِحَقٍّ بَلْ لِمَعْرُوفٍ وَكَذَا مَنْ تَرَكَ الْوَلِيمَةَ وَفَعَلَ السَّابِعَ وَإِنْ أَخَّرَ الْوَلِيمَةَ لِلسَّابِعِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُجِيبُ وَلَيْسَ كَالْوَلِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا جَعَلَ الْوَلِيمَةَ وَالسَّابِعَ وَوَجْهُ تَعْلِيلِهِ تَخْفِيفُ الْإِتْيَانِ لِمَا قَالَ: هُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّجُلُ قَدْ يَجْمَعُهُمَا احْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ الْوَلِيمَةَ إلَى يَوْمِ السَّابِعِ بَلْ تَرَكَهَا وَعَلِمَهُ وَلَوْ كَانَ عَادَةُ النَّاسِ بِالْبَلَدِ أَنَّهُمْ لَا يُولِمُونَ إلَّا يَوْمَ السَّابِعِ لَوَجَبَتْ الْإِجَابَةُ، انْتَهَى. وَالْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَأَطَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْكَلَامَ عَلَيْهَا.

وَقَالَ فِي جَامِعِ الذَّخِيرَةِ: مَسْأَلَةٌ فِيمَا يُؤْتَى مِنْ الْوَلَائِمِ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: هِيَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: وَاجِبَةُ الْإِجَابَةِ إلَيْهَا وَهِيَ وَلِيمَةُ النِّكَاحِ وَمُسْتَحَبَّةُ الْإِجَابَةِ وَهِيَ الْمَأْدُبَةُ وَهِيَ الطَّعَامُ يُعْمَلُ لِلْجِيرَانِ لِلْوِدَادِ وَمُبَاحَةُ الْإِجَابَةِ وَهِيَ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مَذْمُومٍ كَالْعَقِيقَةِ لِلْمَوْلُودِ وَالنَّقِيعَةِ لِلْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ وَالْوَكِيرَةِ لِبِنَاءِ الدَّارِ وَالْخَرْسِ لِلنِّفَاسِ وَالْإِعْذَارِ لِلْخِتَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْفَخْرُ وَالْمَحْمَدَةُ لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْفَضْلِ وَالْهَيْئَاتِ؛ لِأَنَّ إجَابَةَ مِثْلِ ذَلِكَ يَخْرِقُ الْهَيْئَةَ وَقَدْ قِيلَ مَا وَضَعَ أَحَدٌ يَدَهُ فِي قَصْعَةِ أَحَدٍ إلَّا ذَلَّ لَهُ، وَمُحَرَّمَةُ الْإِجَابَةِ وَهُوَ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولَ هَدِيَّتِهِ كَأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِلْقَاضِي، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَأَمَّا طَعَامُ إعْذَارِ الْخِتَانِ وَنَقِيعَةِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ وَخَرْسٍ لِنِفَاسِ وَمَأْدُبَةٍ لِدَعْوَةٍ وَحَدَقَةٍ لِقِرَاءَةِ صَبِيٍّ وَوَكِيرَةٍ لِبِنَاءِ دَارٍ فَيُكْرَهُ الْإِتْيَانُ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الْعَقِيقَةِ، انْتَهَى كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْقِسْمِ الْمُسْتَحَبِّ وَالْمُبَاحِ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ رَسْمِ قَطْعِ الشَّجَرَةِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ فِي الْقِسْمِ الْمُبَاحِ نَحْوُ مَالِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَنَصُّهُ: الدَّعْوَةُ فِي الْخِتَانِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا مُسْتَحَبَّةٍ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ الَّذِي لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ، انْتَهَى.

وَمَا نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ نَحْوُهُ فِي الْبَيَانِ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ وَأَشَارَ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَالْمَأْدُبَةِ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَالْإِعْذَارُ طَعَامُ الْخِتَانِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ فَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْمَصَادِرِ عَلَى وَزْنِ أَفْعَالٍ.

[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ إذَا دَعَاكَ دَاعِيَانِ إلَى الْوَلِيمَةِ]

(فُرُوعٌ. الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الْعَارِضَةِ: إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أَجِبْ أَقْرَبَهُمَا مِنْك بَابًا فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَالسَّابِقُ، انْتَهَى.

[الفرع الثَّانِي إذَا دُعِيَ الرَّجُلُ إلَى الْوَلِيمَةِ وَغَيْرِهَا]

(الثَّانِي) قَالَ فِي رَسْمِ الْجَامِعِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ: إذَا دُعِيَ الرَّجُلُ إلَى الْوَلِيمَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ لَهُ: ائْتِ بِمَنْ تُحِبُّ مَعَكَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مِنْ إخْوَانِهِ مَا شَاءَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيْنَ أَنَّهُ يَسْتَصْحِبُ مَنْ شَاءَ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَصْحِبِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ صَاحِبُ الْوَلِيمَةِ إلَى دُعَائِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهَا عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، انْتَهَى. وَنَصُّ مَا فِي رَسْمِ سَمَاعِ أَشْهَبَ: قُلْت: أَرَأَيْتَ صَاحِبَ الْوَلِيمَةِ يَدْعُو إنْسَانًا فَيَقُولُ لَهُ: اذْهَبْ فَانْظُرْ مَنْ لَقِيتَ فَادْعُهُ. فَيَدْعُو الرَّجُلُ أَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَرْكِ الْإِجَابَةِ، فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى هَذَا بَأْسٌ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَتَعَمَّدْهُ.

[الفرع الثَّالِثُ حُكْمُ حُضُورِ وَلِيمَةِ الْيَهُودِيِّ وَالْأَكْلِ مِنْهَا]

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْضُرَ وَلِيمَةَ الْيَهُودِيِّ وَيَأْكُلَ مِنْهَا، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَعْدَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ أُخْتَهُ وَلَا عَمَّتَهُ وَلَا خَالَتَهُ.

(قُلْتُ) الْأَصْوَبُ أَوْ الْوَاجِبُ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِأَنَّ فِي إجَابَتِهِ إعْزَازًا لَهُ، وَالْمَطْلُوبُ إذْلَالُهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يُحَلِّفَهُ فِيهِ نَظَرٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا فِي مِلَّتِهِمْ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: وَسُئِلَ عَنْ النَّصْرَانِيِّ يَخْتِنُ ابْنًا لَهُ فَيَدْعُو مُسْلِمًا أَتَرَى أَنْ يُجِيبَهُ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ جَاءَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضِيقٌ إنْ جَاءَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَا حَرَجَ إنْ فَعَلَهُ وَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَفْعَلَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّوَدُّدِ إلَى الْكُفَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>