للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ الْوُقُوفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْتَزِئُ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّوْضِيحِ.

ص (وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ)

ش: الِاسْتِحْبَابُ رَاجِعٌ لِإِيقَافِهِ جَمِيعَ الْمَوَاقِفِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ إيقَافَهُ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ إيقَافَهُ بِعَرَفَةَ شَرْطٌ فِي ذَبْحِهِ بِمِنًى كَمَا سَيَأْتِي.

ص (وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ)

ش: يَعْنِي أَنَّ النَّحْرَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي مِنًى بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْهَدْيُ سَاقَهُ فِي حَجٍّ سَوَاءٌ كَانَ وَجَبَ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ جَزَاءُ صَيْدٍ فِي عُمْرَةٍ، أَوْ شَيْءٍ نَقَصَهُ مِنْ عُمْرَتِهِ فَأَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ نَحَرَهُ بِمِنًى أَجْزَأَهُ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا سَاقَهُ فِي الْعُمْرَةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ كَوْنِ النَّحْرِ بِمِنًى مَعَ الشُّرُوطِ مُسْتَحَبًّا هُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ أَوْقَفَ هَدْيَ جَزَاءِ صَيْدٍ، أَوْ مُتْعَةٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَحَرَهُ بِهَا جَاهِلًا، أَوْ تَرَكَ مِنًى مُتَعَمِّدًا أَجْزَأَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِئُهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ مِنًى، أَوْ بَعْدَهَا خِلَافُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِيمَا ذَبَحَ بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ مِنًى، وَأَمَّا مَا ذَبَحَ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى فَيُجْزِئُ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فَنَحْرُ مَا وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ بِمِنًى شَرْطُ كَمَالٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَرْطُ صِحَّةٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ الْإِجْزَاءُ، وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ يُفَرِّقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ فِي أَيَّامِ مِنًى، أَوْ بَعْدَهَا، وَجَعَل صَاحِبُ الطِّرَازِ الْمَذْهَبَ عَدَمَ الْأَجْزَاءِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ.

[فَرْعٌ إذَا سِيقَ الْهَدْيُ فِي إحْرَامٍ]

(فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ إذَا سِيقَ الْهَدْيُ فِي إحْرَامٍ لَمْ يُنْحَرْ وَإِنْ بَلَغَ مَكَّةَ حَتَّى يَحِلَّ مِنْ الْإِحْرَامِ كَانَ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، وَإِنْ سَاقَهُ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ نَحَرَهُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ، وَإِنْ سَاقَهُ لِيَذْبَحَهُ فِي الْحَجِّ وَدَخَلَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا أَخَّرَهُ حَتَّى يَقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ وَيَنْحَرَهُ بِمِنًى فَإِنْ عَطِبَ بِمَكَّةَ نَحَرَهُ وَأَجْزَاهُ.

قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَكُلُّ هَدْيٍ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ الْحِلِّ، فَعَطِبَ فَنَحَرَهُ بِهَا يُجْزِي إلَّا هَدْيَ التَّمَتُّعِ يُرِيدُ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ وَقَصَدَ بِهِ التَّمَتُّعَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ تَمَتُّعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بَعْدَ ذَلِكَ.

وَلَوْ اعْتَمَرَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ الْحِلِّ، ثُمَّ سَاقَ هَدْيًا، وَدَخَلَ بِهِ مَكَّةَ لِيَتَمَتَّعَ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ وَمَا ذَبَحَ مِمَّا وَجَبَ فِي الْحَجِّ مِنْ الْهَدْيِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ لَمْ يَجُزْ كَمَنْ صَلَّى قَبْلَ الْوَقْتِ انْتَهَى. وَقَالَ بَعْدُ: وَمَا وَجَبَ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ هَدْيٍ، فَإِنَّمَا يَجِبُ بِخَلَلٍ دَخَلَ عَلَى إحْرَامِهِ كَمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، أَوْ تَرْكِ تَلْبِيَةٍ، أَوْ إصَابَةِ صَيْدٍ، أَوْ شَبَهِهِ فَمَحِلُّهُ مَكَّةُ وَوَقْتُهُ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ كَمَا وُقِّتَ سُجُودُ السَّهْوِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَوَقَفَ بِهِ هُوَ، أَوْ نَائِبُهُ كَهُوَ) ش أَيْ الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ وَقَفَ بِهِ صَاحِبُهُ بِعَرَفَةَ، أَوْ وَقَفَ بِهِ نَائِبُهُ وَقَوْلُهُ كَهُوَ أَيْ كَوُقُوفِهِ هُوَ بِأَنْ يَقِفَ بِهِ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ ابْنُ هَارُونَ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْوُقُوفِ بِالْهَدْيِ لَيْلًا، فَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ اشْتَرَطَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ جَعَلَ حُكْمَهُ حُكْمَ رَبِّهِ فِيمَا يُجْزِي مِنْ الْوُقُوفِ انْتَهَى.

وَالْمُرَادُ بِالنَّائِبِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ مَنْ نَابَ عَنْ الْمُهْدِي إمَّا بِإِذْنِهِ كَرَسُولِهِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَنْ وَجَدَ هَدْيًا مُقَلَّدًا فَوَقَفَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِأَيَّامِهَا)

ش: هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ فِي أَيَّامِ مِنًى وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْيَوْمَ الرَّابِعَ مَحِلٌّ لِلنَّحْرِ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ مِنًى بَلْ إذَا أُطْلِقَتْ أَيَّامُ مِنًى، فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْيَوْمُ الرَّابِعُ وَالْيَوْمَانِ قَبْلَهُ، وَبِذَلِكَ عَبَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ عَنْ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى ذَلِكَ أَعْنِي التَّعْبِيرَ بِأَيَّامِ مِنًى، وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَيَّامَ النَّحْرِ أَعْنِي يَوْمَ النَّحْرِ وَالْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مَحِلًّا لِلذَّبْحِ بِمِنًى بَلْ إذَا فَاتَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ تَعَيَّنَتْ مَكَّةُ فَإِنْ ذَبَحَ الْهَدْيَ بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ لَمْ يُجْزِهِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَنَقَلَ التَّادَلِيُّ عَنْ عِيَاضٍ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ وَنَصُّهُ: الثَّانِي أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ فِي أَيَّامِ مِنًى وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَهِيَ الْأَيَّامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>