للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فُقِدَ الْمُعْتَقُ وَعَصَبَتُهُ مِنْ النَّسَبِ انْتَقَلَ الْوَلَاءُ لِمُعْتَقِ الْمُعْتَقِ، وَمُعْتَقُ الْمُعْتَقِ الْبِنْتُ، وَالِابْنُ الْمَيِّتُ فَلَهَا النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الثَّانِي الَّذِي كَانَ لِأَخِيهَا لِمَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي أَبِيهِ هُوَ وَإِخْوَتِهِ فَلَهَا نِصْفُ نِصْفِهِ، وَهُوَ الرُّبْعُ فَيَصِيرُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَالرُّبْعُ الْبَاقِي يَكُونُ لِمَوَالِي أُمِّ الْأَخِ إنْ كَانَتْ أَمَةً مُعْتَقَةً، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَلِبَيْتِ الْمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَبِهَذَا تُوَجَّهُ الْمَسْأَلَةُ الْأُخْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَاب الْوَصَايَا]

ص (بَابٌ) (صَحَّ إيصَاءُ حُرٍّ)

ش: الْوَصَايَا: جَمْعُ وَصِيَّةٍ وَرَسْمُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالْوَصِيَّةُ: تَمْلِيكٌ مُضَافٌ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ مُنَاقَشَاتٍ لَا تَخْفَى عَلَيْك انْتَهَى. وَقَالَ فِي اللُّبَابِ: الْوَصَايَا حَقِيقَتُهَا تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي جُزْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى مَوْتِهِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: الْوَصِيَّةُ حَقِيقَتُهَا إسْنَادُ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْجُورِ أَوْ تَنْفِيذُ وَصِيَّةٍ لِثِقَةٍ مَأْمُونٍ انْتَهَى.

وَرَسَمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِرَسْمٍ شَمِلَ الْإِيصَاءَ لِشَخْصٍ، وَإِسْنَادُ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ فَقَالَ: الْوَصِيَّةُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا الْفُرَّاضِ: عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ، يَلْزَمُهُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَتِهِ عَنْهُ بَعْدَهُ انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى صِدْقُ هَذَا الرَّسْمِ عَلَى التَّدْبِيرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَحُكْمُ الْوَصِيَّةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا: حُكْمُهَا النَّدْبُ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَقَالَ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ فَرْضٌ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا تَقْوِيَةُ الزَّادِ إلَى الْمُعَادِ انْتَهَى، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا: حُكْمُهَا الْوُجُوبُ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا الرِّفْقُ بِالْمَحْجُورِ، وَحِفْظُ مَالِهِ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ هِيَ مُسْتَحَقَّةٌ إلَّا لِمَنْ عَلَيْهِ تَعَلُّقٌ لَهُ بَالٌ فَتَجِبُ انْتَهَى.

ص (وَإِنْ سَفِيهًا)

ش: مُوَلًّى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مُوَلًّى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِذَا ادَّانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ فَيَجُوزُ فِي ثُلُثِهِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: إنْ سَمَّى ذَلِكَ يُقْضَى مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي ثُلُثِهِ لَمْ يَجُزْ عَلَى وَرَثَتِهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِهِ عَلَى وَجْهِ الْوَصَايَا فَهُوَ مَبْدَأٌ عَلَى وَصَايَاهُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ: إذَا بَاعَ الْمُولَى فَلَمْ يَرُدَّ بَيْعَهُ حَتَّى فَاتَ أَنَّهُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ ابْنُ زَرْقُونٍ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى.

وَعَلَى الْأَوَّلِ اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، وَإِنْ فِيمَا ادَّانَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ انْتَهَى.

ص (وَصَغِيرًا)

ش: اُخْتُلِفَ فِي السِّنِّ الَّذِي تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْوَصِيِّ فِيهِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَتَجُوزُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ، وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ أَجَازَ وَصِيَّةَ جَارِيَةٍ بِنْتِ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعٍ انْتَهَى.

وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي صَدَرَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ اللُّبَابِ، وَنَصُّهُ: " وَتَصِحُّ مِنْ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ فَمَا فَوْقَهَا؛ لِأَنَّهُ مُمَيِّزًا انْتَهَى.

[فَرْعٌ أَوْصَى الصَّبِيُّ بِوَصِيَّةٍ وَجَعَلَ إنْفَاذَهَا إلَى غَيْرِ الْوَصِيِّ]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ أَشْهَبُ إذَا أَوْصَى الصَّبِيُّ بِوَصِيَّةٍ وَجَعَلَ إنْفَاذَهَا إلَى غَيْرِ الْوَصِيِّ فَذَلِكَ إلَى وَصِيِّهِ (قُلْت) هَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنَّ نَظَرَ الْوَصِيِّ يَنْقَضِي بِمَوْتِ الصَّبِيِّ أَلَا تَرَى أَنَّ جُرْحَ الصَّبِيِّ يَنْظُرُ فِيهِ وَلِيُّهُ، وَدِيَتُهُ إذَا قُتِلَ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِيهَا نَظَرٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِلْكُ الصَّبِيِّ لِلدِّيَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ مُتَعَذَّرٌ وَتَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى تَقْدِيرِ مِلْكِهِ، وَالْوَصِيُّ هُوَ النَّاظِرُ فِي أَمْلَاكَ الصَّبِيِّ وَهَذَا مِنْهَا انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَقَالَ قَالَ أَشْهَبُ: وَمَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ وَجَعَلَ إنْفَاذَهَا إلَى غَيْرِ الْوَصِيِّ فَذَلِكَ إلَى وَصِيِّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُتَقَدِّمَ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ: " مَنْ أَوْصَى " هَلْ يُرِيدُ مِنْ الصِّبْيَانِ أَوْ مِنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>