للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اشْتَرَطَتْ فِي عَقْدِ الصَّدَاقِ شُرُوطًا عَلَى زَوْجِهَا فَإِذَا فَعَلَ بَعْضَ تِلْكَ الشُّرُوطِ فَلَهَا الْقِيَامُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمُوَثِّقُ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا وَإِنَّمَا قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيُشِيرُ بِلَوْ إلَى قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْعَطَّارِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ الْمُوَثِّقُ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهَا الْقِيَامُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ بَعْضَ الشُّرُوطِ وَمِمَّنْ نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُتَيْطِيُّ فِي فَصْلِ الشُّرُوطِ وَنَصَّهُ، وَقَوْلُنَا فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ لِقَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ إنَّ الْعَاقِدَ إذَا قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ لَهَا الْأَخْذُ بِشَرْطِهَا حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَإِذَا قَالَ: فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَفَعَلَ فِعْلًا وَاحِدًا مِنْ الْجُمْلَةِ كَانَ لَهَا الْأَخْذُ بِشَرْطِهَا، وَانْتَقَدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَخَّارِ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا: الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِشَرْطِهَا إنْ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْ الْجُمْلَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِي الْأَيْمَانِ يَقَعُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَرَفَةَ: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: ٦٨] إلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان: ٦٨] وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَالسِّرُّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ بِفِعْلِ الْبَعْضِ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ كَذَلِكَ يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ الْأَخْذُ بِشَرْطِهَا وَتَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِفِعْلِ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ كَمَا تَسْتَحِقُّهُ بِفِعْلِ الضَّرَرَيْنِ جَمِيعًا انْتَهَى.

وَنَقَلَ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ انْعَقَدَ عَلَيْهَا النِّكَاحُ فَالْحُكْمُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ، وَإِنْ طَاعَ الزَّوْجُ بِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا)

ش: اعْلَمْ أَنَّ الْقِيمَةَ تَتَعَيَّنُ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَالْمِثْلَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَإِذَا وَهَبَتْ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ دَبَّرَتْهُ أَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ أَوْ أَعْتَقَتْهُ إلَى أَجَلٍ أَوْ أَخَدَمَتْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِثْلُ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ وَلَا النِّصْفَ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

[فَرْعٌ لِلزَّوْجَةِ التَّصَرُّفُ فِي مَهْرِهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: لِلزَّوْجَةِ التَّصَرُّفُ فِي مَهْرِهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ اتِّفَاقًا انْتَهَى.

ص (وَنِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ)

ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ: إنْ لَمْ تُحَابِ.

ص (وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَتْهُ غَرِمَتْ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ مُعْسِرَةً كَانَتْ أَوْ مُوسِرَةً؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ أَعْتَقَتْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ كَلَامٌ وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْعِتْقِ وَقَدْ عَلِمَ الزَّوْجُ فَتَرَكَ ذَلِكَ رِضًا وَلَوْ قَامَ حِينَئِذٍ رَدَّهُ إنْ شَاءَ إنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَلَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ حَتَّى طَلَّقَهَا وَهِيَ الْآنَ مُعْسِرَةٌ وَكَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِتْقِ مُوسِرَةً مَضَى، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَى الْيَوْمِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ هِبَتَهَا وَعِتْقَهَا وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ مُتَرَقَّبٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ وَجَبَ جَمِيعُهُ فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا مَقَالَ؛ لِأَنَّ مَقَالَهُ كَانَ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِحَقِّهِ فِي مَالِ الزَّوْجَةِ فَزَالَ بِالطَّلَاقِ وَصَارَ حَقُّهُ مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ وَهُوَ طَارِئٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ هِبَتَهَا عَلَى الْمَعْرُوفِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمَعْرُوفِ أَيْ: يَرُدُّ النِّصْفَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَوْمَ الْعِتْقِ بِعُسْرِهَا يَعْنِي أَنْ تَكُونَ يَوْمَ الْعِتْقِ مُعْسِرَةً يُرِيدُ أَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ لَهُ رَدُّ الْعِتْقِ فِي جَمِيعِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَجْرِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ فَإِذَا رَدَّ الزَّوْجُ الْعِتْقَ فَلَا يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ صَدَاقٍ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّوْضِيحِ وَلَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ خَاصًّا بِالْعِتْقِ بَلْ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَأَمَّا وَقْتُ الرَّدِّ: فَلَمْ يُفْهَمْ مِنْ كَلَامِهِ وَنَقُولُ: يُرِيدُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَيَسْكُتُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا عَتَقَ النِّصْفُ بِلَا قَضَاءٍ) ش

<<  <  ج: ص:  >  >>