للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَاهِدٍ أَوْ سَمَاعٍ وَسَأَلَ إيقَافَ الْعَبْدِ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً وَفِي إيقَافِهِ ضَرَرٌ اسْتَحْلَفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَسْلَمَهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ كَفِيلٍ، وَإِنْ ادَّعَى شُهُودًا حُضُورًا عَلَى حَقِّهِ أُوقِفَ لَهُ نَحْوُ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَالْجُمُعَةِ، وَهَذَا التَّحْدِيدُ لِغَيْرِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُوقَفَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَائِيَ بِشَاهِدٍ أَوْ سَمَاعٍ لَهُ وَضْعُ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالذَّهَابُ بِهِ إلَى بَيِّنَتِهِ فَهَذَا كَالْإِيقَافِ انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ عَبْدًا لَيْسَ يُرِيدُ خُصُوصِيَّةَ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَقَوْلُهُ وَأَقَامَ شَاهِدًا يُرِيدُ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مَجْهُولَيْ الْحَالِ. قَوْلُهُ: عِنْدَ قَاضِي تِلْكَ الْبَلَدِ ظَاهِرُهَا كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا انْتَهَى. وَنَبَّهَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: لَا إنْ انْتَفَيَا وَطَلَبَ إيقَافَهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى الذَّهَابِ بِهِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ وَنَقَلَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةَ كِتَابِ الصُّنَّاعِ فِي عَكْسِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ دَابَّةٌ فَسَأَلَ الْقَاضِيَ وَضْعَ قِيمَتِهَا وَيَذْهَبُ بِهَا إلَى بَلَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَنْقُلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَدْ يُشَوِّشُ ذَلِكَ عَلَى فَهْمِ الطَّالِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَضْعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ هَذَا فِي الْمُسْتَحَقِّ بِالرِّقِّ وَأَمَّا الْمُسْتَحَقُّ بِالْحُرِّيَّةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْجِهَادِ وَفِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ.

ص (وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ الْكَلَامِ السَّابِقِ: وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي الْإِيقَافِ عَلَى مَنْ يَقْضِي لَهُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: الْغَلَّةُ أَبَدًا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا لِلطَّالِبِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ النَّفَقَةُ وَالْغَلَّةُ لِمَنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَقِيلَ لِمَنْ يَقْضِي لَهُ بِهِ وَالتَّفْصِيلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ. قَالَ: وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ مُشْكِلٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْعَبْدَ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فِيهَا اُنْظُرْهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي النُّكَتِ: فَإِنْ تَشَاحَّا فِي النَّفَقَةِ كَانَتْ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا: إنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ أَحَدُهُمَا بِالنَّفَقَةِ وَتَشَاحَّا كَانَتْ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ لَا يُخْرِجُهُ الْإِيقَافُ حَتَّى يُنْظَرَ فِيهِ، يُرِيدُ فَإِذَا أُلْزِمَ النَّفَقَةَ ثُمَّ ثَبَتَ لِلْآخَرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ انْتَهَى.

[فَرْعٌ أُلْزِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِحْضَارِ الْمُدَّعَى بِهِ لِتَشْهَدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الدَّعَاوَى مِنْ الذَّخِيرَةِ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إذَا أُلْزِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِحْضَارِ الْمُدَّعَى بِهِ لِتَشْهَدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ فَالْمُؤْنَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ مُلِحٌّ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مُبْطِلٍ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، وَلَا تَجِبُ أُجْرَةُ تَعْطِيلِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي مُدَّةِ الْإِحْضَارِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْحَاكِمِ لَا يَتِمُّ مَصَالِحُ الْحُكَّامِ إلَّا بِهِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ تَنَازَعْتُمَا حَائِطًا مُبَيَّضًا هَلْ هُوَ مُنْعَطَفٌ لِدَارِك أَوْ لِدَارِهِ]

وَقَالَ بَعْدَهُ بِنَحْوِ صَفْحَةٍ (فَرْعٌ) إذَا تَنَازَعْتُمَا حَائِطًا مُبَيَّضًا هَلْ هُوَ مُنْعَطَفٌ لِدَارِك أَوْ لِدَارِهِ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ بِكَشْفِ الْبَيَاضِ لِيَنْظُرَ إنْ جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْكَشْفِ عَلَيْهِ فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَكُونُ لِخَصْمِك، وَالْأُجْرَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِمَنْ لَهُ نَفْعُ الْعَمَلِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَقَعَ الْأُجْرَةُ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ لِأَنَّكُمَا جَزَمْتُمَا بِالْمِلْكِيَّةِ فَمَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ إلَّا جَازِمَةً، وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ لَوْ امْتَنَعَ إلَّا بِأَجْرٍ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يُلْزِمُ الْحَاكِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاسْتِئْجَارِهِ وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْأَخِيرِ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ كَمَا يَحْلِفُ فِي اللِّعَانِ وَغَيْرِهِ وَأَحَدُهُمَا كَاذِبٌ انْتَهَى. وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ)

ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>