للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَّجَهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الرَّهْن إذَا وُجِدَ بِيَدِ الرَّاهِنِ هَلْ هُوَ إبْرَاءٌ لَهُ أَمْ لَا؟ لِجَوَازِ وُقُوعِهِ وَسُقُوطِهِ أَوْ التَّسَوُّرِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقِيَاسُهُ عَلَى بَابِ الْحِيَازَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا أَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ تَرْجِيحَ الْحِيَازَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا جُهِلَ أَصْلُهُ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ أَصْلُهُ بِكِرَاءٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ إعْمَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَزَالُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَالدَّيْنُ إنْ ثَبَتَ أَصْلُهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا ذَكَرَهُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْغَيْرِ وَعَلَيْهِ جَرَى عَمَلُ الْقُضَاةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِتُونُسَ مَا لَمْ تَقْتَرِنْ قَرَائِنُ تَدُلُّ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ فَيُعْمَلُ عَلَيْهَا فِي الْبَرَاءَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. وَيُشِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَوْلِهِ: وَقِيَاسُهُ عَلَى بَابِ الْحِيَازَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا أَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ تَرْجِيحَ الْحِيَازَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا جُهِلَ أَصْلُهُ إلَى مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلْنَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ وَكَلَامَهُ عَلَيْهَا وَنَصّهَا.

[مَسْأَلَة تَرَكَتْ بَعْض مَا أصدقها وَالِد زَوْجهَا حتي مَاتَ ثُمَّ أَرَادَتْ الْمَرْأَة أَخَذَهَا فمنعها ورثة الحمو]

مَسْأَلَةٌ قَالَ يَحْيَى وَسَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ امْرَأَةً عَنْ ابْنِهِ مَنْزِلًا فَلَمَّا دَخَلَ ابْنُهُ بِالْمَرْأَةِ أَخَذَتْ الْمَنْزِلَ إلَّا حُقُولًا يَسِيرَةً تَرَكَتْهَا فِي يَدِ حَمُوهَا فَلَمْ تَزَلْ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ ثُمَّ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَخْذَهَا فَمَنَعَهَا وَرَثَةُ الْحَمْوِ وَقَالُوا قَدْ عَايَنْتهَا زَمَانًا مِنْ دَهْرِك وَهِيَ فِي يَدِهِ وَلَا تَشْهَدِي عَلَيْهِ بِعَارِيَّةٍ وَلَا كِرَاءٍ وَلَا نَدْرِي لَعَلَّك أَرْضَاك مِنْ حَقِّك أَتَرَى لِلْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ حَقًّا؟ قَالَ: نَعَمْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ تِلْكَ الْحُقُولَ الَّتِي هِيَ مِمَّا كَانَ أَصْدَقَهَا الْحَمْوُ عَنْ ابْنِهِ وَلَا يَضُرُّهَا طُولُ مَا تَرَكَتْ ذَلِكَ فِي الْحَمْوِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِالصَّدَقَةِ فَتَلْزَمُ حِيَازَتُهَا وَإِنَّمَا الصَّدَاقُ ثَمَنٌ مِنْ الْأَثْمَانِ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَتْ كُلَّ مَا أَصْدَقَهَا فِي يَدِ الْحَمْوِ لَمْ يَضُرَّهَا ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ بَيِّنَةٌ لَا إشْكَالَ فِيهَا وَلَا اخْتِلَافَ لِأَنَّ حَقَّهَا تَرَكَتْهُ فِي يَدِ حَمُوهَا فَلَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» وَلَيْسَ هَذَا مِنْ وَجْهِ الْحِيَازَةِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا الْحَائِزُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَرَابَةِ وَالْأَجْنبِيِّينَ وَالْأَصْهَارِ فِيهَا إذْ قَدْ عُرِفَ وَجْهُ كَوْنِ الْأَحْقَالِ بِيَدِ الْحَمْوِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ مَحْمُولَةٌ حَتَّى يُعْرَفَ مَصِيرُهَا إلَيْهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْحَائِزَ لَا يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ إلَّا إذَا جَهِلَ أَصْلَ مَدْخَلِهِ فِيهَا وَهَذَا أَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِالْحِيَازَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[بَاب أَحْكَامَ الدِّمَاءِ وَأَحْكَامَ الْقِصَاصِ]

ص (بَابٌ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ إلَخْ)

ش: هَذَا بَابٌ يَذْكُرُ فِيهِ الْمُصَنِّفُ أَحْكَامَ الدِّمَاءِ وَأَحْكَامَ الْقِصَاصِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ بَابٌ مُتَّسِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>