للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَاضِيهَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا زَرْعٌ، وَلَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ يُخَافُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْآبِيَ مِنْ الْعَمَلِ لَا يُلْزَمُ بِهِ وَيُقَالُ لِصَاحِبِهِ: اعْمَلْ وَلَك الْمَاءُ كُلُّهُ وَمَا زَادَ بِعَمَلِك إلَى أَنْ يَأْتِيَك صَاحِبُك الْآبِي بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ النَّفَقَةِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ السَّدَادِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ كَلَامِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ، أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَعْمَلُ، وَإِنْ كَانَ مَقْسُومًا انْتَهَى.

بِالْمَعْنَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهَا زَرْعٌ، أَوْ شَجَرٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَالْمَخْزُومِيُّ إنَّ الشَّرِيكَ فِي الْعَيْنِ، أَوْ الْبِئْرِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَعْمُرَ مَعَهُ، أَوْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِمَّنْ يَعْمُرُ كَالْعُلُوِّ يَكُونُ لِرَجُلٍ وَالسُّفْلُ لِآخَرَ فَيَنْهَدِمُ وَهُوَ تَنْظِيرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَا يَقْدِرُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ عُلُوَّهُ حَتَّى يَبْنِيَ صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَيَقْدِرُ الَّذِي يُرِيدُ السَّقْيَ بِمَاءِ الْبِئْرِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا إذَا انْهَدَمَتْ أَنْ يَصِلَ إلَى مَا يُرِيدُ مِنْ السَّقْيِ بِأَنْ يُصْلِحَ الْبِئْرَ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِجَمِيعِ الْمَاءِ إلَى أَنْ يَأْتِيَهُ صَاحِبُهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ النَّفَقَةِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْمَخْزُومِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

، وَقَدْ نَصَّ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ عَمَّرَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ وَنَصُّهَا: وَإِذَا كَانَتْ بِئْرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَانْهَارَتْ، أَوْ عَيْنٌ فَانْقَطَعَتْ فَعَمِلَهَا أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يَعْمَلَ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي لَمْ يَعْمَلْ مِنْ الْمَاءِ قَلِيلٌ، وَلَا كَثِيرٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ شَرِيكَهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ، وَإِذَا احْتَاجَتْ بِئْرٌ، أَوْ قَنَاةٌ بَيْنَ شُرَكَاءَ لِسَقْيِ أَرْضِهِمْ إلَى الْكَنْسِ لِقِلَّةِ مَائِهَا فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ الْكَنْسَ وَأَبَى الْآخَرُونَ وَفِي تَرْكِ الْكَنْسِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَاءِ وَانْتِقَاصٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي أَوْ لَا يَكْفِي إلَّا الَّذِينَ شَاءُوا الْكَنْسَ خَاصَّةً فَلِلَّذِينَ شَاءُوا الْكَنْسَ أَنْ يَكْنِسُوا ثُمَّ يَكُونُوا، أَوْلَى بِاَلَّذِي زَادَ فِي الْمَاءِ كَنْسُهُمْ دُونَ مَنْ لَمْ يَكْنِسْ حَتَّى يُؤَدُّوا حِصَّتَهُمْ مِنْ النَّفَقَةِ فَيَرْجِعُوا إلَى أَخْذِ حِصَّتِهِمْ مِنْ جَمِيعِ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ إذَا قَلَّ مَاؤُهَا فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ الْكَنْسَ وَأَبَى الْآخَرُ فَهِيَ كَبِئْرِ الزَّرْعِ، فَإِنْ كَنَسَهُ بَعْضُهُمْ كَانَ جَمِيعُهُمْ فِيمَا كَانَ مِنْ الْمَاءِ قَبْلَ الْكَنْسِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ فِيهِ ثُمَّ يَكُونُ الَّذِينَ كَنَسُوا أَحَقَّ بِمَا زَادَ الْمَاءُ بِكَنْسِهِمْ فَإِذَا رَوَوْا كَانَ النَّاسُ وَأُبَاةُ الْكَنْسِ فِي الْفَضْلِ سَوَاءً حَتَّى يُؤَدُّوا حِصَصَهُمْ مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِذَا أَرَادُوا كَانَ جَمِيعُ الْمَاءِ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ لَهُمْ ثُمَّ النَّاسُ فِي الْفَضْلِ سَوَاءٌ انْتَهَى.

فَعُلِمَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ، أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَعْمَلُ وَبِهَذَا فَارَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةَ الرَّحَى الْآتِيَةَ فَإِنَّ الْآبِيَ مِنْ الْعَمَلِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَعْمُرَ، أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَعْمُرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فُرُوعٌ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ بِالْبَيْعِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ نَصِيبَهُ نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَائِلِ الْقِسْمِ (الثَّانِي) إذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَالْفُرْنِ ثُمَّ إنَّهُ خَرِبَ حَتَّى صَارَ أَرْضًا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي الْقِسْمَةِ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة: إذَا صَارَتْ الْأَرْضُ بَرَاحًا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ بِنَائِهَا فُرْنًا صَارَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْأَرْضِ بِحَيْثُ لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ شَرِيكِهِ بِنَاءَهَا فُرْنًا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ لِدُعَائِهِ إلَى بِنَاءِ عَرْصَةٍ تُقَسَّمُ فَإِذَا قُسِّمَتْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ مَا أَحَبَّ فَإِذَا رُفِعَ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ الْقِسْمَةِ عَلَى الْغَائِبِ فَهُوَ الْوَاجِبُ فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ فَيَجِبُ الْحُكْمُ بِالْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ إنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ مَالِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ نَصِيبَهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ كَلَامًا فِي الْقِسْمَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ عَلَى حَدِّ مَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ، أَوْ لَا؟ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ كِتَابُ الْقِسْمَةِ.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعَاوَى فِي دَارٍ بَيْنَ وَرَثَةٍ لِيَسْكُنَهَا بَعْضُهُمْ وَبَاقِيهِمْ يَسْأَلُ إخْلَاءَهَا لِبَيْعِهَا وَدَعَا سَاكِنِيهَا إلَى غُرْمِ كِرَائِهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ لِلتَّسْوِيقِ فَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْقِسْمَةُ فَإِنَّهَا تُخْلَى مِنْ جَمِيعِهِمْ لِتُسَوَّقَ خَالِيَةً إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَكْتَرِيهَا مِنْ غَيْرِ الْوَرَثَةِ عَلَى شَرْطِ التَّسْوِيقِ فَتُكْرَى مِنْهُ إذَا أُمِنَ مِنْهُ الْمَيْلُ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَةِ أَحَدِهِمْ، وَلَا مِنْ سَبَبِهِمْ وَأَجَابَ ابْنُ الْقَطَّانِ: بَقَاءُ الدَّارِ هَكَذَا ضَرَرٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>