الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ أَوْصَى إلَى وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا غَيْرُهُ دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ قَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لِصَاحِبِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ اُخْتُلِفَ نَظَرَ السُّلْطَانُ ثَمَّ وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ إلَّا مَعَ صَاحِبِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَعْوَى وَأَحَدُهُمْ حَاضِرٌ خَاصَمَهُ، وَيُقْضَى لَهُ وَيَكُونُ الْغَائِبُ إذَا قَدِمَ عَلَى حُجَّةِ الْمَيِّتِ انْتَهَى. زَادَ اللَّخْمِيُّ إثْرَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ إلَّا مَعَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ أَوْ يَكُونَ غَائِبًا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ فِي أُصُولِ الْفَتْوَى: وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ فِيمَا يَطْلُبُونَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَجَائِزٌ أَنْ يُخَاصِمَ أَحَدُهُمْ فِيمَا يُطْلَبُ بِهِ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، وَيَكُونُ الْغَائِبُ عَلَى حُجَّتِهِ انْتَهَى. فَإِنْ أَنْكَحَ أَحَدُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ، فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى دُونَ صَاحِبِهِ وَأَرَادَ صَاحِبُهُ رَدُّهُ رَفَعَهُ لِلسُّلْطَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ فَعَلَ وَأَرَادَ الْآخَرُ رَدَّ فِعْلِهِ، فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ، فَإِنْ فَاتَ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ كَانَ عَلَى الَّذِي انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى وَفَاتَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ كَانَتْ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ لَهُ وَغَرِمَ الثَّمَنَ، وَقَالَ أَشْهَبُ إلَّا فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ الَّذِي لَا بُدَّ لِلْيَتِيمِ مِنْهُ مِثْلُ أَنْ يَغِيبَ أَحَدُهُمَا فَيَشْتَرِي الْبَاقِي الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ وَمَا يَضُرُّ بِالْيَتِيمِ اسْتِئْجَارُهُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَاب الرُّهُونِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُرْهِنَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ رَهْنًا فِيمَا يُبْتَاعُ لَهُ مِنْ مَصَالِحِهِ كَمَا يَتَدَايَنُ عَلَيْهِ وَلَا يَدْفَعُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ رَهْنًا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ نَظَرَ الْإِمَامُ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " حَمْلًا عَلَى التَّعَاوُنِ " هَذَا إنْ أَطْلَقَ الْمَيِّتُ وَأَمَّا إنْ نَصَّ عَلَى اجْتِمَاعٍ أَوْ انْفِرَادٍ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يُتَّبَعُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، فَإِنْ قَدِمَ عَلَى الْمَيِّتِ وَصِيَّانِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالنَّظَرِ عَنْ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَدَّمُ أَنَّ مَنْ عَاقَهُ مِنْهُمَا عَائِقٌ انْفَرَدَ صَاحِبَهُ بِهِ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَائِقِ اهـ.
[مَسْأَلَة أَوْصَى عَلَى ابْنِهِ إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوْ غَابَ فَالْبَاقِي مُنْفَرِدٌ فَثَبَتَ سَخْطَةُ أَحَدِهِمَا]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ فِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ السَّفِيهِ وَقَالُوا فِي رَجُلٍ أَوْصَى عَلَى ابْنِهِ إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوْ غَابَ فَالْبَاقِي مُنْفَرِدٌ فَثَبَتَ سَخْطَةُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ مَعَ الْبَاقِي نَاظِرًا مَأْمُونًا وَلَا يَنْفَرِدُ؛ لِأَنَّ الْمَعْزُولَ لِسَخْطَةٍ لَمْ يَمُتْ وَلَا غَابَ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيّ فِي حَاشِيَتِهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اُنْظُرْ هَلْ يَتَنَزَّلُ الْمُشْرِفُ عَلَى الْوَصِيِّ مَنْزِلَةَ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ الْمَشَذَّالِيّ وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ مَا، نَصُّهُ: " وَسَبَبُ الْمُشَاوَرَةِ كَسَبَبِ الْوَصِيِّ أَوْ أَقْوَى، وَانْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ الْمُشْرِفَ لَيْسَ بِوَلِيٍّ وَلَا وَصِيٍّ، وَإِنَّمَا لَهُ الْمَشُورَةُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي اللُّبَابِ فِي بَابِ الْوَصَايَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا فَلَهُ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى أَفْعَالِ الْوَصِيِّ كُلِّهَا، وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَضَى إنْ كَانَ سَدَدًا وَإِلَّا رَدَّهُ، وَشَهَادَةُ الْمُشْرِفِ لِلْمَحْجُورِ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ انْتَهَى. وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَحْجُورِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْكَلَامَ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَصِيٍّ فَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَالُ عِنْدَ الْوَصِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ وَلَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْرِفِ، وَإِنَّمَا لِلْمُشْرِفِ النَّظَرُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ رَأْيِهِ رَدَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ نُظِرَا، وَقَالَ غَيْرُهُ لِلْمُشْرِفِ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى أَفْعَالِ الْوَصِيِّ كُلِّهَا مِنْ إجْرَاءِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْقَلِبُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَضَى إنْ كَانَ سَدَادًا وَإِلَّا رَدَّهُ الْمُشْرِفُ، وَإِنْ أَرَادَ رَدَّ السَّدَادِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَنَظَرَ السُّلْطَانُ فِيهِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ، كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي النَّوَازِل عَلَى الْمُشْرِفِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ، وَإِنَّمَا لَهُ الْمَشُورَةُ وَالْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ إنْ عَقَدَ الْوَصِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute