للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْهُ وَكَرِهَهُ سَحْنُونٌ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَجِّ الرِّيقِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَا يَتَنَاثَرُ مِنْ الْمَاءِ فِي الْمَسْجِدِ مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي نَظَافَةِ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ غَطَّاهُ بِالْحَصْبَاءِ بِخِلَافِ النُّخَامَةِ؛ لِأَنَّ النُّخَامَةَ لَا يَجِدُ النَّاسُ مِنْهَا بُدًّا وَلَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِ الْمَضْمَضَةِ فِي الْمَسْجِدِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ النُّخَامَةَ تَكْثُرُ وَتَتَكَرَّرُ فَيَشُقُّ الْخُرُوجُ لَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْمَضْمَضَةُ تَنْدُرُ وَتُقْصَدُ فَلَا مَضَرَّةَ وَلَا مَشَقَّةَ فِي الْخُرُوجِ لَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُرْوَى عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ انْتَهَى لَفْظُهُ وَانْظُرْ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى

(الثَّالِثُ) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ التَّمَخُّطُ فِي الْمَسْجِدِ وَدَفْنُهُ قِيَاسًا عَلَى النُّخَامَةِ أَمْ لَا يَجُوزُ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ النُّخَامَةِ وَأَنَّهُ مِثْلُ الْمَضْمَضَةِ فَتَأَمَّلْهُ.

(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الْعَارِضَةِ: إنْ أَوْقَعْته فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ اقْتَرَفْت سُوءًا وَكَفَّارَتُهُ دَفْنُهُ فِي الْحَصْبَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَطَّحًا فَكَفَّارَتُهُ مَسْحُهُ انْتَهَى، وَقَالَ قَبْلَهُ: الْمَسَاجِدُ أَحَبُّ الْبِلَادِ إلَى اللَّهِ، وَقَالَ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: ٣٦] وَالْإِهَانَةُ ضِدُّ الرَّفْعِ وَالْبُزَاقُ مِنْ الْإِهَانَةِ فَإِنَّهُ طُرِحَ فِيهَا، وَقَدْ طَيَّبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْجِدَ مِنْ نُخَامَةٍ كَانَتْ فِي الْقِبْلَةِ بِشَيْءٍ مِنْ خَلُوقٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ طَرْحَهُ لِلْعَبْدِ ضَرُورَةً أَيْ فِي أَيِّ حَالٍ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِإِفّ أَوْ تُفْ أَوْ أَغْ أَوْ أَخْ أَوْ أَحْ أَحْ وَسُمِعَ فِيهِ كَذَلِكَ فَإِذَا فَعَلْته فَمِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا مَكْرَمَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَاطْرَحْهَا فِي ثَوْبِك انْتَهَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي بَابِ السَّهْوِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِيَدِهِ حَصْبَاءُ نَسِيَهَا أَوْ بِنَعْلِهِ]

(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ بِنَاءِ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبِيَدِهِ حَصْبَاءُ نَسِيَهَا أَوْ بِنَعْلِهِ إنْ رَدَّهَا فَحَسَنٌ وَمَا ذَاكَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَالِبٌ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ مَا يَبْقَى بَيْنَ أَسْنَانِ الصَّائِمِ مِنْ الطَّعَامِ إذَا ابْتَلَعَهُ فِي النَّهَارِ مَعَ رِيقِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَالِبٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا؛ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ أَخْذَهُ مِنْ وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ انْتَهَى.

وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ فِي تَرْجَمَةِ التَّرْهِيبِ مِنْ الْبُصَاقِ فِي الْمَسْجِدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ أَبُو بَدْرٍ وَأَرَاهُ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْحَصَاةَ تُنَاشِدُ الَّذِي يُخْرِجُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَقَدْ سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: رَفْعُهُ وَهْمٌ مِنْ أَبِي بَدْرٍ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (ثُمَّ قُدَّامَهُ، ثُمَّ يَمِينَهُ)

ش: عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ فِي يَسَارِهِ أَيْ فِي جِهَةِ يَسَارِهِ، ثُمَّ قُدَّامَهُ إلَى آخِرِهِ وَكَأَنَّهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - تَرَكَهُ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ الْجِهَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّنْبِيهَاتِ فَلَمَّا ذَكَرَ مَا عَدَاهَا مَعْطُوفًا بِثُمَّ عُلِمَ أَنَّهَا هِيَ الْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَشَابَّةٍ لِمَسْجِدٍ)

ش: فِي الْحَدِيثِ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>