للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ الْوُضُوءِ وَلَا بَأْسَ بِالسُّتْرَةِ بِالْمُتَحَدَّثِينَ مَا لَمْ يَكُونُوا مُتَحَلِّقِينَ، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَاخْتَارَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ وَشَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ أَنَّ الرِّدَاءَ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَوْنِهِ يُعْمَلُ سِتْرًا لِلْبَابِ يَكْفِي فِي السُّتْرَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْصُلُ مِنْ قَدْرِ عَظْمِ الذِّرَاعِ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إنْ كَانَ مُتَرَاكِمًا وَمَا قَالَهُ فِي الزَّرْعِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الرِّدَاءُ وَشَبَهُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ لِرِقَّتِهِ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنُ نَاجِي.

(فَرْعٌ) لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى وَجْهِ الرَّجُلِ مُسْتَقْبِلًا لَهُ فِي صَلَاتِهِ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ الشَّغْلِ وَاَلَّذِي يُصَلِّي إلَى جَنْبِ الرَّجُلِ قَرِيبًا مِنْهُ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَلْتَفِتَ فَيَسْتَقْبِلَهُ بِوَجْهِهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى كُرِهَتْ الصَّلَاةُ إلَى الْمُتَحَلِّقِينَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ.

[فَرْعٌ صَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ جَاهِلًا بِبِدْعَتِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَهُ سُتْرَةً فِي نَافِلَةٍ فَكَيْفَ بِأَنْ يَجْعَلَهُ إمَامًا فِي فَرِيضَةٍ انْتَهَى.

ص (وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ)

ش: قَالَ فِي الْكَافِي وَالْكَرَاهَةُ شَدِيدَةٌ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَفَاعِلُ ذَلِكَ عَامِدًا آثِمٌ، وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَخَفَّ بِهِ كَانَتْ فِيهِ جُرْحَةٌ انْتَهَى.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَإِنْ قُلْتَ: كَوْنُ الْمُصَلِّي يَأْثَمُ مُنَافٍ لِمَا قَدَّمْت أَنَّ السُّتْرَةَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا إذْ لَا يَأْثَمُ إلَّا فِي الْوَاجِبِ قِيلَ: مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْإِثْمُ غَيْرُ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إذْ النَّدْبُ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ السُّتْرَةِ وَالْإِثْمُ بِالتَّعَرُّضِ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَأَخَذَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ التَّأْثِيمِ وُجُوبُ السُّتْرَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى تَعْلِيقِهِ بِالْمُرُورِ نَصٌّ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا لَزِمَ دُونَ مُرُورٍ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ هَذَا فِي نَقْلِ ابْنِ نَاجِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَسُتْرَةٌ، وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ مَوْقِفُ الْمُصَلِّي]

(فَرْعٌ) وَأَمَّا مَوْقِفُ الْمُصَلِّي فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْنُوَ مِنْ سُتْرَتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدُّنُوِّ مِنْهَا فَقِيلَ: يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَدْرُ شِبْرٍ فَإِذَا رَكَعَ تَأَخَّرَ وَقِيلَ: قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي الْمُسْتَحَبِّ مِنْ قُرْبِهَا ثُلُثٌ، رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ مِنْ الصَّوَابِ قَدْرُ صَفَّيْنِ اللَّخْمِيُّ قَيْدَ شِبْرٍ وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو الطَّيِّبِ يَدْنُو قَائِمًا شِبْرًا فَإِذَا رَكَعَ تَأَخَّرَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الزَّاهِي: وَيُصَلِّي الْمُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ، انْتَهَى.

[تَنْبِيهٌ قَدْرُ حَرِيمِ الْمُصَلِّي]

(تَنْبِيهٌ) وَأَمَّا قَدْرُ حَرِيمِ الْمُصَلِّي فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ قِيلَ: لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ بِقَدْرِ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَقِيلَ: سَهْمٌ وَقِيلَ: رُمْحٌ وَقِيلَ: قَدْرُ مُضَارَبَةِ السَّيْفِ، وَالْكُلُّ غَلَطٌ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ قَدْرُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ خِلَافُ تَلَقِّيهِمْ قَوْلَ أَشْهَبَ فِي الْإِشَارَةِ بِالْقَبُولِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ نَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ.

[فَرْعٌ مُدَافَعَةِ الْمَارِّ وَهُوَ يُصَلِّي]

(فَرْعٌ) وَأَمَّا حُكْمُ مُدَافَعَةِ الْمَارِّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ دَفْعًا خَفِيفًا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الصَّلَاةِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَدَرْءُ الْمَارِّ جَهْدُهُ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ بِالْمَعْرُوفِ أَشْهَبُ إنْ بَعُدَ أَشَارَ إلَيْهِ فَإِنْ مَشَى أَوْ نَازَعَهُ لَمْ تَبْطُلْ فَأَطْلَقَهُ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ إنْ كَثُرَتْ بَطَلَتْ انْتَهَى قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ: فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَدْرَأُ مَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ دَفَعَهُ فَسَقَطَ لِلْمَارِّ دِينَارٌ ضَمِنَهُ الدَّافِعُ وَلَوْ دَفَعَهُ دَفْعًا مَأْذُونًا فِيهِ كَقَوْلِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَابِ وَالْقِلَالِ.

(قُلْت) فِي تَعْلِيقَةِ الْقَابِسِيُّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ لَوْ دَفَعَهُ فَخَرَقَ ثَوْبَهُ ضَمِنَهُ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ لَمْ يُعَنِّفْ فِي الدَّفْعِ لَمْ يَضْمَنْ.

(قُلْت) صَوَابٌ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ جَلَسَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى طَرَفِ ثَوْبِ صَاحِبِهِ فَقَامَ فَانْخَرَقَ انْتَهَى.

وَلَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَوْ دَرَأَهُ فَمَاتَ فَابْنُ شَعْبَانَ خَطَأً أَبُو عُمَرَ دِيَتُهُ فِي مَالِهِ الْمَازِرِيُّ خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي سُقُوطِ سِنِّ الْعَاضِّ وَسِنِّ الْمَعْضُوضِ أَبُو عُمَرَ وَقِيلَ: دَمُهُ هَدَرٌ. انْتَهَى وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِلْأَقْفَهْسِيِّ وَلَوْ دَفَعَ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَأَجْرَى عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَنْ عَضَّ إنْسَانًا فَأَخْرَجَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ فَكَسَرَ سِنَّ الْعَاضِّ، انْتَهَى.

[فَرْعٌ مَحِلُّ وَضْعِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاة]

(فَرْعٌ) وَأَمَّا مَحِلُّ وَضْعِ السُّتْرَةِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>