للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرِيضُ إذَا كَانَ مَدِينًا فَإِنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَنَقَلَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالرَّجْرَاجِيِّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ بَابِ التَّفْلِيسِ لَا بَعْضُهُ - وَرَهْنِهِ وَيَأْتِي أَيْضًا فِي كَلَامِ الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ مَا يُبَاعُ أَوْ غَرَرًا عَلَى أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الْمَرْهُونِ مَا يَشْتَرِطُهُ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ إلَّا أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ الْغَرَرُ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَرَرًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ مَا يُبَاعُ وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ إذَا لَمْ يُقَارِنْ عُقْدَةَ الْبَيْعِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ قَارَنَهَا فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ.

ص (وَلَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ)

ش: وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ لِلرَّهْنِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا؟ وَقَوْلُهُ: وَثِيقَةٌ بِحَقِّ فَصْلٍ. خَرَجَ بِهِ مَا دُفِعَ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّوَثُّقِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالِانْتِفَاعِ كَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمُعَارِ، وَهُوَ حَالٌ مِنْ مَا، وَالْبَاءُ فِي بِحَقٍّ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهَذَا الْحَدُّ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إعْطَاءُ امْرِئٍ وَثِيقَةً بِحَقٍّ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الرَّهْنَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَالْإِعْطَاءُ مَصْدَرٌ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ اهـ يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرًا وَلَكِنَّ الْأَغْلَبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ إطْلَاقُهُ عَلَى الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُعْطَى أَوْ مَا أَشْبَهَهُ. وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مَالٌ قَبَضَهُ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ قَالَ فَتَخْرُجُ الْوَدِيعَةُ وَالْمَصْنُوعُ فِي يَدِ صَانِعِهِ وَقَبْضُ الْمَجْنِيِّ عَبْدًا جَنَى عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ بِلَفْظِ مَالٍ قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ الرَّهْنَ كَمَا يُطْلَقُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا يُطْلَقُ عَلَى الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ كَمَا إذَا قَالُوا يَصِحُّ الرَّهْنُ أَوْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ أَوْ يَصِحُّ رَهْنُ كَذَا أَوْ لَا يَصِحُّ رَهْنُ كَذَا فَاسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ شَائِعٌ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ؛ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَوَلِيٍّ)

ش: أَبًا كَانَ أَوْ وَصِيًّا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ رَهْنًا فِيمَا يَبْتَاعُ لَهُ مِنْ كِسْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ عُرُوضَ الْيَتِيمِ بِمَا أَسْلَفَهُ رَهْنًا. اهـ ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَتَاعِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَلَدُ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَالِ وَلَدِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ.

ص (وَمُكَاتَبٍ)

ش: قَيَّدَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ ص (وَآبِقٍ)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَرَهْنُ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ إنْ قُبِضَ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ فَلَسِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ: يَجُوزُ رَهْنُ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ، وَقَوْلُهُ: إنْ قُبِضَ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ فَلَسِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضَا قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِمَا وَإِنَّمَا الْقَبْضُ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِمَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الِاخْتِصَاصِ اهـ. وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ كَذَلِكَ وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ فِي تَرْجَمَةِ الْعَيْنِ وَمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَالْمَعْرُوفُ لِمَالِكٍ أَنَّهُ لَا تُرْهَنُ الْأَجِنَّةُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسَّرٍ ذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا يُرْتَهَنُ الْعَبْدُ الْآبِقُ وَالْبَعِيرُ الشَّارِدُ وَيَصِحُّ ذَلِكَ بِالْقَبْضِ اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْجَنِينِ.

[تَنْبِيه رَهْنِ الدَّارِ الْغَائِبَة وَالشَّيْءِ الْغَائِبِ]

(تَنْبِيهٌ) سُئِلَتْ عَنْ رَهْنِ الدَّارِ الْغَائِبَةِ، وَالشَّيْءِ الْغَائِبِ فَأَجَبْتُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُشْتَرَطُ فِي اخْتِصَاصِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ أَنْ يَقْبِضَهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ قَبْلَ مَوْتِ الرَّاهِنِ أَوْ فَلَسِهِ وَهُوَ كَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ بَلْ أَحْرَى بِالْجَوَازِ فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ أَوْ فَلَّسَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ وَكِيلِهِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَلَوْ جَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَقُولُ: وَبِمَوْتِ رَاهِنِهِ أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ حَوْزِهِ وَلَوْ جَدَّ فِيهِ وَأَيْضًا فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ وَهَبَ دَارًا غَائِبَةً وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْهِبَةِ إذَا جَدَّ فِي طَلَبِهَا لَا تَبْطُلُ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا هُنَا فِي التَّوْضِيحِ: بِأَنَّ الرَّهْنَ لَمَّا كَانَ بَاقِيًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>