للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجَارَةُ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَتَنْفَسِخُ إذَا خَالَفَ لِلْقِرَانِ لَا لِلتَّمَتُّعِ فَإِنْ قُلْت: مَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ: وَعُدِمَ قُلْت: لَعَلَّهُ يُشِيرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إلَى أَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ فَاتَ أَنْ يُؤْتَى بِالْحَجِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمُشْتَرَطِ إمَّا بِفَوَاتِ وَقْتِهِ أَوْ بِتَلَبُّسِهِ أَوْ بِالْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ كَمَا إذَا شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِفْرَادُ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فَقَرَنَ أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ التَّمَتُّعُ فَقَرَنَ أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْقِرَانُ أَوْ التَّمَتُّعُ فَأَفْرَدَ أَوْ خَالَفَ الْمِيقَاتَ الْمُشْتَرَطَ وَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَمَّا إذَا شُرِطَ الْإِفْرَادُ فَأَتَى بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِيَحُجَّ بَعْدَهَا وَيَكُونَ مُتَمَتِّعًا فَقِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يُجْزِئُهُ فَعَادَ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهَا وَحَجَّ مِنْهَا بِالْإِفْرَادِ فَيُجْزِئُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَكَذَا لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْقِرَانُ فَتَمَتَّعَ فَتَأَمَّلْهُ، وَذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ احْتِمَالَيْنِ آخَرَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَعِنْدِي أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ إذَا قَرَنَ كَغَيْرِهِ وَقَرَنَ بِالْوَاوِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهُ بِأَوْ وَأَنَّهُ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَهَلْ يُفْسَخُ إنْ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ فِي الْمُعَيَّنِ أَوْ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمَ عَنْ الْمَيِّتِ فَيُجْزِئَهُ تَأْوِيلَانِ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِفْرَادُ فَتَمَتَّعَ وَجَعَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ عَنْ الْمَيِّتِ ذَكَرَ هُنَا حُكْمَ مَا إذَا اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عُمْرَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيمَنْ أَخَذَ مَالًا يَحُجُّ بِهِ عَنْ مَيِّتٍ مِنْ بَعْضِ الْآفَاقِ فَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى كَمَا اُسْتُؤْجِرَ وَاخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي تَأْوِيلِهَا فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ وَأَرَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ مِنْهُ وَهَذَا تَأْوِيلُ بَعْضِ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَأَبُو إِسْحَاقَ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ عَلَى كِلَا التَّأْوِيلَيْنِ بَلْ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى كِلَا التَّأْوِيلَيْنِ بَلْ لَا خِلَافَ، قَوْلٌ آخَرَ إنَّهُ يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَاسْتَبْعَدَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ فَهُوَ مَحِلُّ التَّأْوِيلَيْنِ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا قُلْنَا: يُجْزِئُهُ وَكَانَتْ الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي شَرْطِ كَوْنِهَا عَنْ وَاحِدٍ تَرَدُّدٌ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَدَمُ الْمُتْعَةِ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ قَالَ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ يَعْنِي لِمَا أَدْخَلَ فِي ذَلِكَ مِنْ نَقْصِ التَّمَتُّعِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ مَا نَقَصَ مَا بَعُدَ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُجْزِئُهُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَلَا تَنْفَسِخُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِحَجَّةٍ أُخْرَى قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَسَنَدٌ وَغَيْرُهُمْ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُجْزِئُهُ بَلْ يُعِيدُ ذَلِكَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى وَقَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(قُلْت) : فَيَنْبَغِي لِمَنْ أَخَذَ مَالًا يَحُجُّ بِهِ عَنْ مَيِّتٍ مِنْ بَعْضِ الْآفَاقِ أَنْ لَا يَأْتِيَ مَكَّةَ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنْ جَاءَ قَبْلَ شَهْرِ الْحَجِّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمَ عَنْ الْمَيِّتِ بِالْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ قَرَنَ يَنْوِي الْعُمْرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ]

(فَرْعٌ) وَأَمَّا لَوْ قَرَنَ يَنْوِي الْعُمْرَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَنْصُوصُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُمَكَّنُ مِنْ الْإِعَادَةِ أَوْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ.

((قُلْتُ)) : وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامُ مُعَيَّنًا وَأَمَّا فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ فَتَنْفَسِخُ وَالْجَارِي عَلَى الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَعْنِي قَوْلَهُمْ: إنَّ عَدَاءَ الْقَارِنِ خَفِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>