للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْعَلْ ذَلِكَ فَالْإِسْقَاطُ بِمَعْنَى إبْطَالِ تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ. وَسَوَاءٌ وَجَبَ ذَلِكَ قَبْلَ الرِّدَّةِ أَوْ أَدْرَكَهُ وَقْتَ وُجُوبِهِ وَهُوَ فِي حَالِ الرِّدَّةِ (فَرْعٌ) فَلَوْ صَلَّى صَلَاةً ثُمَّ ارْتَدَّ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ وَوَقْتُهَا بَاقٍ بِحَيْثُ يُدْرِكُ مِنْهَا رَكْعَةً لَزِمَتْهُ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّالِثِ.

وَأَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ حَجًّا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُرْتَدِّ فِي حَالِ إسْلَامِهِ وَالْإِسْقَاطُ هُنَا بِمَعْنَى إبْطَالِ ثَوَابِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْحَجِّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ وَقْتَهُ مُتَّسِعٌ إلَى آخِرِ الْعُمْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بِخِطَابِ مُبْتَدَأٍ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالزَّكَاةُ لِلْأَوْقَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْحَجِّ.

[فَرْعٌ ارْتَدَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ]

(فَرْعٌ) فَلَوْ ارْتَدَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ بَطَلَ إحْرَامُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا أَوْ قَدْ كَانَ حَجَّ الْفَرْضَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِئْنَافِ حَجِّ الْفَرِيضَةِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَبْلَ رِدَّتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ بَطَلَ وَسَقَطَ مِنْ ذِمَّتِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ عَنْ الْمُرْتَدِّ نَذْرًا نَذَرَهُ فِي حَالِ إسْلَامِهِ أَوْ فِي حَالِ رِدَّتِهِ وَأَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ عَنْ الْمُرْتَدِّ أَيْمَانًا بِاَللَّهِ حَلَفَهَا فِي حَالِ إسْلَامِهِ أَوْ فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَوْ يَمِينًا بِعِتْقٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ بِعِتْقِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَيَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ إنْسَانٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ رِدَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ كَمَا يَلْزَمُهُ تَدْبِيرُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَظْهَرُ لِي أَنَّ تَدْبِيرَهُ كَعِتْقِهِ وَطَلَاقِهِ وَذَلِكَ بِخِلَافِ أَيْمَانِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَلْزَمُهُ تَدْبِيرُهُ إذَا أَسْلَمَ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينُهُ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَكَانَ ابْنُ يُونُسَ يَقُولُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَنَّهَا تَسْقُطُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى يُشِيرُ إلَى مَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَنَصُّهُ: اخْتَلَفُوا فِي يَمِينِهِ بِالْعِتْقِ الَّتِي أَسْقَطَهَا هَلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ؟ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَيَلْزَمُ كَالْمُدَبَّرِ وَقِيلَ الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ اهـ. أَوْ يَمِينًا بِظِهَارٍ وَكَذَا الظِّهَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَتَحَصَّلُ فِي الظِّهَارِ الْمُجَرَّدِ وَالْيَمِينِ بِالظِّهَارِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ فِيهِمَا وَهُوَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الْيَمِين بِالظِّهَارِ فَأَحْرَى فِي الْمُجَرَّدِ وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ يَسْقُطُ فِيهِمَا وَهُوَ الَّذِي حَكَى عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ فِي الْمُجَرَّدِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْيَمِينِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِذَا حَنِثَ فِي الظِّهَارِ الْمُجَرَّدِ بِالْوَطْءِ وَتَخَلَّدَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ أَيْ فَيَسْقُطُ وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي الظِّهَارِ هَلْ النَّظَرُ إلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيمِ فَيُشْبِهُ الطَّلَاقَ أَوْ إلَى مَا فِيهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَلْحَقُ بِالطَّلَاقِ اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ الظِّهَارُ كَالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْخِطَابَ فِي الطَّلَاقِ مُوَجَّهٌ إلَى الزَّوْجَيْنِ وَفِي الظِّهَارِ يَتَوَجَّهُ إلَى الزَّوْجِ خَاصَّةً اهـ فَتَأَمَّلْهُ

وَظَاهِرُ الْأُمِّ أَنَّ الظِّهَارَ الْمُجَرَّدَ يَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ وَنَصُّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُرْتَدُّ إذَا ارْتَدَّ وَعَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِالْعِتْقِ وَعَلَيْهِ ظِهَارٌ وَعَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِاَللَّهِ قَدْ حَلَفَ بِهَا أَنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ اهـ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا أَيْمَانُهُ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَنُصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا السُّقُوطُ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا وَإِذَا ارْتَدَّ وَعَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ فَالرِّدَّةُ تُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَطْرَحُ رِدَّتُهُ إحْصَانَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا أَيْمَانَهُ بِالطَّلَاقِ انْتَهَى.

. وَأَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ إحْصَانًا تَقَدَّمَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي حَالِ إسْلَامِهِمَا فَمَنْ ارْتَدَّ مِنْهُمَا زَالَ إحْصَانُهُ وَلَا يَزُولُ إحْصَانُ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ. قَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّالِثِ: وَالرِّدَّةُ تُزِيلُ إحْصَانَ الْمُرْتَدِّ مِنْ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ وَبِانْتِفَاءِ الْإِحْصَانِ إذَا أُحْصِنَا وَمَنْ زَنَى مِنْهُمَا بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ تَزَوُّجِهِ لَمْ يُرْجَمْ اهـ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيّ فِي حَاشِيَتِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ارْتَدَّ قَاصِدًا لِإِزَالَةِ الْإِحْصَانِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَزَنَى فَإِنَّهُ يُرْجَمُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِحْصَانِ الْآنَ أَوْ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا وَلَكِنْ يُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>